للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {اِنْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} (٢٩)؛معناه: ويقال لهم يوم القيامة، تقول لهم الخزنة: انطلقوا إلى العذاب الذي كنتم به تكذّبون في الدّنيا أنه لا يكون،

{اِنْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ} (٣٠)؛أي انطلقوا إلى دخان من جهنّم قد سطع، ثم افترق ثلاث فرق، وهو قوله {(ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ)} شعبة فوقهم، وشعبة عن يمينهم، وشعبة عن شمالهم. وذلك أنه يخرج لسان من نار فيحيط بهم فيحبسون إلى أن يساقوا إلى النار أفواجا أفواجا، قال إبراهيم النخعيّ: «هذا الظّلّ مقيل الكفّار قبل الحساب»،والمعنى: انطلقوا إلى ظلّ ذي ثلاث شعب فكونوا فيه إلى أن يفرغ من الحساب.

ثم وصف الله ذلك الظلّ فقال: {لا ظَلِيلٍ؛} أي لا يظلّ من الحرّ، {وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ} (٣١)؛أي ولا يردّ عنكم لهب جهنّم؛ أي إنّهم إذا استظلّوا بذلك الظلّ لم يدفع عنهم من حرّ النار شيئا، فأما المؤمنون فيقبلون في الجنة كما قال تعالى {أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلاً} (١).

قوله تعالى: {إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ} (٣٢)؛معناه: أنّ النّار تقذف بشرر متفرّق متطاير كالقصر وهو البناء العظيم كالحصن. وقيل: مثل قصور الأعراب على المياه، يعني الخيام، قال مقاتل: «شرر النّار في ذلك اليوم يكون من الكثرة عدد النّجوم وورق الأشجار، لا يقع شيء منها إلاّ على أكتاف الرّجال».

والشّرر ما يتطاير من النار وينتشر في الجهات متفرّقا.

قرأ عليّ وابن عباس «(كالقصر)» بفتح الصاد (٢)،أراد كأعناق النّخل، وقيل:

كأعناق الدواب، والقصر العنق وجمعه قصر وقصرات. وقرأ سعيد بن جبير «(كالقصر)» بكسر القاف وفتح الصاد وهي لغة فيه.

قوله تعالى: {كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ} (٣٣)،يعني أنّ لون الشّرر يشبه لون الجمالات الصّفر، وجمالات جمع جمال، قراءة حمزة والكسائي وحفص وخلف:

«(جمالة)» بكسر الجيم من غير ألف على جمع جمل مثل حجر وحجارة. وقرأ يعقوب


(١) الفرقان ٢٤/.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٧٨٧٣) عن ابن عباس رضي الله عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>