للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم أوعد الله من كذب بالقرآن فقال تعالى: {كَلاّ سَيَعْلَمُونَ} (٤)؛أي ليس الأمر على ما قالوا، سيعلمون عاقبة تكذيبهم حتى تنكشف الأمور، {(ثُمَّ كَلاّ سَيَعْلَمُونَ)} وعيد على إثر وعيد. وقيل: معنى (كلاّ) ارتدعوا وانزجروا، فليس الأمر على ما تظنّون،

وسيعلم (١) الكفار عاقبة أمرهم، {ثُمَّ كَلاّ سَيَعْلَمُونَ} (٥)؛ أمر القيامة وأهوالها، وما لهم من أنواع العذاب في النار.

قوله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً (٦) وَالْجِبالَ أَوْتاداً} (٧)؛نبّه سبحانه على عظيم قدرته، ولطيف حكمته؛ ليعرفوا توحيده. والمهاد: الوطاء؛ للتصرّف عليه من غير كلفة، فالأرض مهاد يسيرون في مناكبها ويسكنون في مساكنها، والمهاد والمهد بمعنى واحد، والمهاد: الفراش، والجبال أوتاد للأرض؛ لأنّ الأرض كانت تنكفئ بأهلها على وجه الماء، فأرساها الله بالجبال الثوابت حتى لا تميد بأهلها، وكان أبو قبيس أوّل جبل وضع على الأرض (٢).

قوله تعالى: {وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً} (٨)؛أي ذكرانا وإناثا، ويقال: ألوانا وأصنافا،

وكلّكم ترجعون إلى أب واحد، {وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً} (٩)؛أي راحة لأبدانكم، فكلّ من تعب من الخلق إذا نام استراح، والسّبات مأخوذ من السّبت وهو القطع، والسّبات قطع العمل، والسّبات هاهنا أن ينقطع عن الحركة، والروح في بدنه.

قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً} (١٠)؛سابغا بظلمته وسواده لكلّ شيء،

{وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً} (١١)؛أي ذا ضياء لطلب المعاش بالحراثة والتجارة ونحوهما.

قوله تعالى: {وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً} (١٢)؛أي رفعنا فوق رءوسكم سبع سماوات غلاظا شديدة الإتقان، قائمة بإذن الله لا تنهار ولا تتغيّر من طول الزّمان، غلظ كلّ سماء خمسمائة عام،

{وَجَعَلْنا سِراجاً وَهّاجاً} (١٣)؛


(١) في المخطوط: (سيعلمون الكفار) وهو غير مناسب، فتكون (سيعلم الكفار) أو (سيعلمون- الكفار-عاقبة ... ).
(٢) أخرجه الحاكم في المستدرك: كتاب التفسير: الحديث (٣٩٤٤) عن ابن عباس رضي الله عنهما، وقال: (صحيح الإسناد ولم يخرجاه) وفيه طلحة بن عمرو، واه، كما نبه عليه الذهبي في تلخيصه.

<<  <  ج: ص:  >  >>