قوله تعالى:{إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً}(١٧)؛معناه: إنّ يوم الفصل بين الخلائق وهو يوم القيامة كان ميقاتا للأوّلين والآخرين أن يجتمعوا فيه، وميقاتا لما وعد الله من الثواب والعقاب.
ثم بيّن متى يكون ذلك فقال تعالى:{يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً}(١٨) يعني نفخة البعث فيأتي كلّ أناس بإمامهم فوجا بعد فوج، وزمرا بعد زمر من كلّ مكان للحساب. والصّور: قرن ينفخ فيه إسرافيل.
وعن معاذ بن جبل قال: قلت: يا رسول الله؛ أرأيت قوله تعالى: {(يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً)}؟ قال:[يا معاذ سألت عن عظيم من الأمر] ثمّ بكى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقال: [يا معاذ يحشر النّاس عشرة أصناف من أمّتي أشتاتا قد بدّل الله صورهم وغيّرهم من جماعة المسلمين، فبعضهم على صورة القردة، وبعضهم على صورة الخنازير، وبعضهم منكّسون على رءوسهم وأرجلهم فوق وجوههم يسحبون، وبعضهم عمي يتردّدون، وبعضهم صمّ بكم لا يعقلون، وبعضهم يمضغون ألسنتهم وهي مدلاّة على صدورهم، يسيل القيح من أفواههم لعابا يتقذرهم أهل الجمع، وبعضهم مقطّعة أيديهم وأرجلهم، وبعضهم مصلّبون على جذوع من نار، وبعضهم أشدّ نتنا من الجيف، وبعضهم يلبسون جبابا من قطران لازقة بجلودهم.
فالّذين هم على صورة القردة النّمّامون، والّذين هم على صورة الخنازير الأكّالون السّحت، والّذين هم منكّسون على رءوسهم أكلة الرّبا، والعميان الجائرون في الحكم، والصّمّ البكم هم الّذين يعجبون بأعمالهم، والّذين يمضغون ألسنتهم العلماء الوعّاظ الّذين خالف قولهم أعمالهم، والمقطّعة أيديهم وأرجلهم الّذين يؤذون الجيران، والمصلّبون على جذوع النّار السّعاة إلى السّلطان، والّذين هم أشدّ نتنا من الجيف هم الّذين يتنعّمون باللّذات والشّهوات، ومنعوا حقّ الله من أموالهم، والّذين يلبسون الجباب هم أهل الكبر والفجور والخيلاء] (١).
(١) في تخريج أحاديث الكشاف: ج ٤ ص ٦٨٨؛قال الحافظ: (أخرجه الثعلبي وابن مردويه).وفي الدر المنثور: ج ٨ ص ٣٩٣؛ قال السيوطي: (أخرجه ابن مردويه عن البراء بن عازب، أن معاذا ابن جبل) وذكره. وإسناده ضعيف. وأخرجه الثعلبي في الكشف والبيان: ج ١ ص ١١٥.