للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي} هي الكلمة الأولى» (١) وهذا قول أكثر المفسّرين.

وقال الحسن: (معنى: نكال الدّنيا والآخرة، الأولى: غرقه في الدّنيا، وعذابه في الآخرة بالنّار».وعن ابن عبّاس قال: «قال موسى: يا رب أمهلت فرعون أربعمائة سنة وهو يقول: أنا ربّكم الأعلى، ويكذّب بآياتك ورسلك، فأوحى الله إليه أنّه كان حسن الخلق سهل الحجاب، فأحببت أن أكافئه».

قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى} (٢٦)؛أي إن في الذي فعل فرعون من العقوبة حين كذب عظة لمن يخشى عذاب الله. والعبرة: هي الدّلالة المؤدّية إلى الحقّ.

ثم خاطب منكري البعث فقال تعالى: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ؛} الخطاب لأهل مكّة، يقول أأنتم أشدّ خلقا، معناه: أخلقكم بعد الموت أشدّ عندكم أم السّماء في تقديركم؟ وهما في قدرة الله واحد، وهذا كقوله {لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النّاسِ} (٢).وقوله تعالى: {بَناها} (٢٧)؛أي بناها مع عظمها، فكيف لا يقدر على إعادتكم مع صغر أجسامكم؟!

وقوله تعالى: {رَفَعَ سَمْكَها فَسَوّاها} (٢٨)؛أي رفع سقف السّماء فوق كلّ شيء بلا عمد تحتها، ولا علاّقة فوقها، فسوّاها من الفطور والعيوب. وقيل:

فسوّاها بلا سقوف ولا فطور.

قوله تعالى: {وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها} (٢٩)؛أي أظلم ليلها وأظهر نهارها: والغطش: الظّلمة وأصناف اللّيل والنهار إلى السماء؛ لأن الليل إنما يكون بغروب الشمس، والشمس منسوبة إلى السّماء، فإذا غربت الشمس كان مبدأ الظّلام من جانب السّماء، وذلك (٣) الضياء يظهر قبل طلوع الشمس من جانب السّماء.


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٨١٠٠).
(٢) غافر ٥٧/.
(٣) في المخطوط: (ولذلك).

<<  <  ج: ص:  >  >>