للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكّى} (٣)؛معناه: ما يعلمك يا محمّد لعلّ ابن أم مكتوم يزّكّى بالعمل الصالح بجوابك عن سؤاله،

{أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى} (٤)؛ويتّعظ فتنفعه ذكراك. وقيل: معنى (يزّكّى):يتطهّر من الذنوب بالعمل الصالح، أو يذكّر فيتّعظ بما يعلمه من مواعظ القرآن. قرأ عاصم «(فتنفعه)» بالنصب على جواب (لعلّ) بالفاء، وقرأ الباقون بالرفع عطفا على {(يَزَّكّى أَوْ يَذَّكَّرُ)}.

قوله تعالى: {أَمّا مَنِ اسْتَغْنى} (٥)؛يعني أشراف قريش، قال بعضهم:

معناه: أما من استغنى بماله، وقيل: استغنى عن وعظك، أي جعل نفسه غنيا عنك، وقال ابن عباس: (معناه: استغنى عن الله وعن الإيمان،

{فَأَنْتَ لَهُ تَصَدّى} (٦) لوعظه؛ أي تعرض له وتقبل عليه بوجهك وتميل اليه وتصغي إلى كلامه. يقال: فلان تصدّى لفلان؛ أي يتعرّض له ليراه. قرأ نافع وابن كثير وأبو جعفر (تصّدّى) بالتشديد على معنى تتصدّى، وقرأ الباقون بالتخفيف على الحذف.

قوله تعالى: {وَما عَلَيْكَ أَلاّ يَزَّكّى} (٧)؛أي وما عليك ألاّ يؤمن ولا يهتدي، فإنه ليس عليك إلاّ البلاغ،

{وَأَمّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى} (٨)؛لعمل الخير وهو ابن أمّ مكتوم جاءك يسرع في المشي إليك يلتمس منك الدّين،

{وَهُوَ يَخْشى} (٩)؛عذاب الله، وقيل: يخشى العثور في مشيته،

{فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهّى} (١٠)؛أي تتشاغل فتعرض بوجهك عنه، يقال: ألهيت على الشّيء إلهاء إذا تشاغلت عنه، وليس من لها يلهو، ومن هذا قولهم: اذا استأثر الله بشيء فاله عنه؛ أي اتركه وأعرض عنه.

قوله تعالى: {كَلاّ؛} أي حاشا أن تعود إلى مثل ذلك، لا تعد إليه ولا تفعل مثله، والمعنى: أنّ (كلاّ) هاهنا كلمة ردع وزجر، أو كلاّ لا تفعل بعدها مثلها.

وقوله تعالى: {إِنَّها تَذْكِرَةٌ} (١١)؛أي إنّ هذه الآيات التي أنزلها الله عليك موعظة يتّعظ بها عباد الله تعالى،

{فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ} (١٢)؛أي من شاء ألهمه وفهّمه القرآن حتى يذكره ويتّعظ به.

وهذا كلّه تأديب للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وتبين أنّ المحافظة على الإقبال على المؤمنين أولى من الحرص على من هو كافر رجاء أن يترك. فلمّا أنزلت هذه الآيات أكرم رسول

<<  <  ج: ص:  >  >>