للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ} (٤)؛العشار: هي النّوق الحوامل إذا أتت عليها عشرة أشهر وبقي شهران، فهي أحسن ما يكون في الإبل وأعزّها على أهلها، وليس يعطلها أهلها إلاّ في حالة الشدّة العظيمة، واحدها عشرا وليس في القيمة عشار، ولكن هذا على وجه التّمثيل حتى لو كان الرجل يومئذ عشّارا لعطّلها واشتغل بنفسه، ونظيره {يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمّا أَرْضَعَتْ} (١)،ومعنى (عطّلت) أي تركت هملا بلا راع لما جاءهم من أهوال يوم القيامة.

قوله تعالى: {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ} (٥)؛الوحوش: جمع الوحش، وهو ما يأوي إلى الفلوات، وينفر عن الناس، وقوله تعالى (حشرت) أي جمعت حتى يقتصّ بعضها من بعض، وقال ابن عبّاس: «حشر البهائم موتها» (٢).

قوله تعالى: {وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ} (٦)؛قرأ أبو عمرو وابن كثير مخفّفا، وقرأ الباقون بالتشديد، ومعناه واحد؛ أي وإذا البحار ملئت وفجّر بعضها في بعض، ثم صيّرت بحرا واحدا. وقال بعضهم: أحميت من قولهم: سجرت التّنور إذا أحميته.

والمراد بالبحار على هذا القول بحار في جهنّم تملأ من الحميم لتعذيب أهل النار. وفي الحديث: [أنّ الله تعالى يفني ماء هذه البحار] (٣).كما روي أن البحار كلها تسيل حتى تبلغ إلى الثور الذي على قرنه الأرضون، فإذا بلغته فتح فاه فابتلعها كلّها، فإذا وقعت المياه كلها في جوفه يبست، فلا يرى منها قطرة بعد ذاك!

قوله تعالى: {وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ} (٧)؛أي ردّت الأرواح إلى أجسادها، فقرنت كلّ روح إلى جسدها، وسئل عمر رضي الله عنه عن ذلك فقال: «معناه:


(١) الحج ٢/.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٨٢٣٣).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٨٢٤٦) عن قتادة قال: (ذهب ماؤها فلم يبق فيها قطرة).

<<  <  ج: ص:  >  >>