للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والعاصين، يقال له يومئذ: بم اغتررت وتشاغلت عن طاعة الله وطلب مرضاته وهو الكريم الصّفوح عن العباد،

{الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوّاكَ؛} خلقك في بطن أمّك باليدين والرّجلين وسائر الأعضاء لم يخلقها متفاوتة، ولو كان خلق إحدى رجليك أطول من الأخرى لم تكمل منفعتك.

وعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أنّه تلا هذه الآية فقال: {(يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ) فقال: [جهله يا ربّ] (١).وقال قتادة: «غرّ الإنسان عدوّه المسلّط عليه» (٢).قيل للفضيل بن عياض: لو أقامك الله يوم القيامة بين يديه فقال: {(ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ)} ما كنت تقول؟ فقال: «أقول: غرّني ستورك المرخاة» (٣).وقال مقاتل: «غرّه عفو الله حين لم يعجّل عليه بالعقوبة» (٤).وقال السديّ: «غرّه رفق الله به» (٥)،وقال يحيى بن معاذ: «لو أقامني بين يديه فقال: ما غرّك بي؟ لقلت:

غرّني بك رفقك بي (٦) سالفا وآنفا».

قال أهل الإشارة: إنّما قال {(بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ)} دون سائر صفاته، كأنّه لقّنه الإجابة حتّى يقول: غرّني كرم الكريم. وعن ابن مسعود قال: «ما منكم من أحد إلاّ سيقال له يوم القيامة: {(ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ)}؟ يا ابن آدم ماذا عملت؟ فيما علمت؟ ماذا أجبت المرسلين؟» (٧).وقال أبو بكر الورّاق: «لو قال لي: {(ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ}


(٢) -كلدة الجمحيّ).
(١) في الدر المن ثور: ج ٨ ص ٤٣٩؛قال السيوطي: (أخرجه سعيد بن منصور وابن أبي حاتم وابن المنذر عن عمر رضي الله عنه) موقوفا. وقال: (أخرجه عبد بن حميد عن صالح بن مسمار) مرسلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>