للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ} (٢٦)؛أي في مثل هذا النعيم فليرغب الرّاغبون وليجتهد المجتهدون، لا في النعيم الذي هو مكدّر لسرعة الفناء.

قوله تعالى: {وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ} (٢٧)؛معناه: ومزاج الرّحيق من عين تنزل عليهم من ساق العرش، سميت بذلك؛ لأنّها تسنم عليهم، فتنصبّ انصبابا من فوقهم في منازلهم، ومنه سنام البعير لعلوّه من بدنه، وذلك الشّراب إذا كان أعلى كان أطيب وأهنأ.

قوله تعالى: {عَيْناً؛} منصوب على الحال؛ أي في الحال التي تكون عينا لا ماء راكدا. وقيل: انتصب على تقدير يسقون عينا أو من عين. وقيل: على إضمار أعني عينا.

وقوله تعالى: {يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ} (٢٨)؛يشرب بها أفاضل أهل الجنّة صرفا بغير مزاج، ويشربها سائر أهل الجنّة بالمزاج، وقيل: إنّ الباء في قوله (بها) زائدة كما في قوله {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ} (١).وقيل: إنّ التسنيم عين تجري في الهواء في أواني أهل الجنة على مقدار مائها، فإذا امتلأت أمسك الماء حتى لا يقع منه قطرة على الأرض.

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ} (٢٩)؛ معناه: إنّ الذين أشركوا وهم أبو جهل، والوليد بن المغيرة، والعاصي بن وائل وأصحابه من مشركي مكّة كانوا يضحكون من ضعفة أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وهم بلال وصهيب وعمّار وسلمان، كانوا يستهزءون بهم ويعيّرونهم على الإسلام،

{وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ؛} أي مرّ بهم أحد من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهم جلوس، {يَتَغامَزُونَ} (٣٠)؛بالطّرف طعنا عليهم.

وكانوا يقولون: انظروا إلى هؤلاء الذين تركوا شهوتهم في الدّنيا يطلبون بذلك نعيم الآخرة بزعمهم، {وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ} (٣١)،وكانوا إذا رجعوا إلى أهلهم يرجعوا فاكهين؛ أي ناعمين فرحين معجبين بما هم فيه لا يبالون


(١) المؤمنون ٢٠/.

<<  <  ج: ص:  >  >>