للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرّخاء. وقيل: معناه: فإن مع العسر يسرا في الدّنيا، إنّ مع العسر يسرا في الآخرة.

وقيل: إنّ هذه الآية تسلية للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه فيما كانوا فيه من الشدّة والفقر، يقول: إنّ مع الشدّة رخاء وسعة. وروي أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لمّا نزلت هذه الآية قال لأصحابه: [أبشروا فقد آتاكم الله اليسر، لن يغلب عسر يسرين] (١).

وإنما قال ذلك؛ لأنّ العسر معرفة، و (يسرا) نكرة، والمعرفة إذا أعيدت كان الثاني هو الأول، والنّكرة إذا أعيدت كان الثاني غير الأوّل، واليسر الأوّل هو اليسر في الدنيا يعقب العسر، واليسر الثاني هو اليسر في الآخرة بالثواب، يقول الرجل لصاحبه: إذا اكتسبت درهما فأنفق درهما، يريد بالثاني غير الأول، فإذا فقال: إذا اكتسبت درهما فأنفق الدرهم، فالثاني هو الأول.

وعن ابن مسعود قال: «والّذي نفسي بيده، لو كان العسر في جحر لطلبه اليسر حتّى يدخل عليه، إنّه لن يغلب عسر يسرين» (٢).

قوله تعالى: {فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ} (٧)؛أي إذا فرغت من أمور الدّنيا فانصب لما أمرت به من الإبلاغ والعبادة. وعن الحسن أنه قال: «فإذا فرغت من الجهاد فانصب للعبادة» أي اتعب لها. وعن عمران بن الحصين أنه قال: «إذا فرغت من الصّلاة فاتعب للدّعاء، وسله حاجتك، وارغب إليه» (٣).وقوله (فانصب) من النّصب والدّءوب في العمل.

وقوله تعالى: {وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ} (٨)؛ أي ارفع حوائجك إلى ربك، ولا ترفعها إلى أحد من خلقه.

آخر تفسير سورة (الشرح) والحمد لله رب العالمين


(٣) -رخاء بأن يظهرك الله عليهم حتى ينقادوا الخلق) وضبط النص كما في جامع البيان: ج ٣٠ ص ٢٩٧ كلام الإمام الطبري: تفسير الآية.
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الحديث (٢٩٠٦٩) عن الحسن مرسلا بأسانيد، و (٢٩٠٧٠) عن قتادة مرسلا. والحاكم في المستدرك: كتاب التفسير: الحديث (٤٠٠٤).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٩٠٧١).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٩٠٧٣) عن ابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>