للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لم يعصوه فيها طرفة عين]،فتعجّب أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من ذلك، فأتى جبريل فقال له: عجبت أمّتك من عبادة هؤلاء النّفر ثمانين سنة لم يعصوا الله فيها طرفة عين، فقد أنزل الله عليك خيرا منه، ثم قرأ {(إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ... )} إلى آخرها، وقال: هذا أفضل مما عجبت منه أنت وأمّتك، فسرّت الصحابة بذلك (١).

وروي: أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ذكر رجلا من بني إسرائيل حمل السّلاح على عاتقه في سبيل الله ألف شهر، فعجب المسلمون من ذلك عجبا شديدا، وتمنّى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّ يكون مثله في أمّته، فأعطاه الله ليلة القدر (٢).

واختلفوا في وقتها؛ فقال بعضهم: كانت على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثم رفعت، والصحيح: أنّها لم ترفع وأنّها إلى يوم القيامة، لما روي عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قيل له: هل رفعت ليلة القدر؟ فقال: [بل هي إلى يوم القيامة] (٣).عن عبد الله بن حسن قال:

قلت لأبي هريرة رضي الله عنه: زعموا أنّ ليلة القدر قد رفعت، قال: «كذب من قال» قلت:

أهي كلّ شهر رمضان؟ قال: «نعم» (٤).

وقال بعضهم: هي في ليالي السّنة كلّها، وأنّ من علّق طلاق امرأته أو عتق عبده بليلة القدر لم يقع شيء من ذلك إلى مضي سنة من يوم حلفه. والجمهور من العلماء: أنّها في شهر رمضان في كلّ عام. وسئل الحسن عن ليلة القدر فقال «والله الّذي لا إله إلاّ هو؛ إنّها في كلّ رمضان» (٥).


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير الكبير: ج ٢٠ ص ٣٤٥٢:الحديث (١٩٤٢٦).
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير: ج ٢٠ ص ٣٤٥٢: الأثر (١٩٤٢٥).وفي الدر المنثور: ج ٨ ص ٥٦٨؛ قال السيوطي: (أخرجه ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن مجاهد).
(٣) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان: باب في الصيام: في فضل ليلة القدر: الأثر (٣٦٧١) عن أبي ذر رضي الله عنه.
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٩١٨٧) من حديث ابن عمر رضي الله عنه.
(٥) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٩١٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>