للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان بعضهم يعدّ السّورتين سورة واحدة، وقال سفيان بن عيينة: «كان لنا إمام لا يفصل بينهما ويقرؤهما معا» (١).وقال عمرو بن ميمون: «صلّيت خلف عمر ابن الخطّاب رضي الله عنه صلاة المغرب، فقرأ في الرّكعة الأولى {وَالتِّينِ،} وفي الثّانية {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ} و {لِإِيلافِ قُرَيْشٍ» (٢).والمعنى: أنّ هلاك أصحاب الفيل كان سببا لبقاء إيلاف قريش، ونظام حالهم.

وقريش هم ولد النّضر بن كنانة، فمن ولده النّضر فهو قرشيّ، ومن لم يلده فليس بقرشيّ. وعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: [إنّ الله اصطفى بني كنانة، واصطفى من بني كنانة قريشا، واصطفى من قريش بني هاشم] (٣).وسمّوا قريشا من التّقريش؛ وهو التكسّب والتقلب والجمع والطلب، وكانوا قوما تجّارا على المال.

قوله تعالى: {(إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ)} بدل من الإيلاف الأوّل.

واختلفوا في انتصاب (رحلة)،فقيل: انتصب على المصدر؛ أي ارتحالهم رحلة، وإن شئت نصبته بوقوع (إيلافهم) عليه، وإن شئت على الظّرف.

واختلفوا في تفسير رحلة الشتاء والصيف، فروي عن ابن عبّاس قال: «كانوا يشتون بمكّة، فأمرهم الله تعالى أن يقيموا بالحرم، ويعبدوا ربّ هذا البيت» (٤).

وقيل: كانت لهم في السّنة (٥) رحلتان: إحداهما في الشّتاء إلى اليمن لأنّها أدفأ، والأخرى في الصّيف إلى الشّام، وكان الحرم جدبا لا زرع فيه ولا ضرع ولا شجر، وإنما كان قريش يعيشون بتجارتهم ورحلتهم، وكان لا يتعرض لهم أحد بسوء،


(١) ذكره القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج ٢٠ ص ٢٠٠.
(٢) ذكره القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج ٢٠ ص ٢٠٠.
(٣) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير: ج ٢٢ ص ٥٥:الحديث (١٦١) من طرق عن الأوزاعي، وإسناده صحيح. ومسلم في الصحيح: كتاب الفضائل: باب فضل نسب النبي صلّى الله عليه وسلّم: الحديث (٢٢٧٦/ ١).
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٩٤٢٢) مطولا، والأثر (٢٩٤٣٣).
(٥) في المخطوط: (في الشتاء) لا يستقيم المعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>