وعن عائشة رضي الله عنها أنّها قالت:«الكوثر نهر في الجنّة، من أدخل إصبعيه في أذنيه سمع خرير ذلك النّهر»(١).
والكوثر يصبّ في حوض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وصفة الحوض: حصاؤه الياقوت الأحمر، والزبرجد الأخضر، والدرّ والمرجان، وحمأته المسك الأذفر، وترابه الكافور، ماؤه أشدّ بياضا من اللبن وأحلى من العسل، وأبرد من الثلج، يخرج من أصل سدرة المنتهى، عرضه وطوله ما بين المشرق والمغرب، وحوله من الآنية والأباريق عدد نجوم السّماء، لا يشرب منه أحد فيظمأ بعده أبدا.
قوله تعالى:{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}(٢)؛أي فاشكر الله على هذه النعمة العظيمة بالصّلاة والنحر، قال ابن عبّاس:«إنّه أراد بذلك صلاة العيد، ثمّ نحر البدن يوم الأضحى».وقيل: أراد بذلك صلاة الفجر في يوم النحر. وقيل: أراد بذلك جميع الصّلوات المكتوبة.
قوله تعالى:{إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}(٣)؛أي مبغضك هو الأبتر الذي لا عقب له ولا خير له في الدّنيا والآخرة، ونزل ذلك في العاص بن وائل السّهمي، كان يكلّم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم على باب المسجد الحرام بعد موت عبد الله بن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
فلما انطلق النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قيل للعاص: من هذا الذي كنت معه قائما تكلّمه؟ قال:
هذا الأبتر محمد. يريد أنه ليس له ابن يخلفه ويقوم مقامه، فأنزل الله هذه السّورة إكراما للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم وجوابا للخبيث، يقول: سنميته عن أهله وماله فلا يذكر بخير أبدا، وأما أنت يا محمّد فقد جعلت ذكرك مع ذكري فلا ينقطع ذكرك أبدا، والشّانئ من الشّنئان وهو البغض.
آخر تفسير سورة (الكوثر) والحمد لله رب العالمين
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٩٥٠٩ و ٢٩٥١٠).وفي الدر المنثور: ج ٨ ص ٦٥٠؛ عزاه السيوطي إلى هناد وابن جرير عن عائشة رضي الله عنها.