للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعن سعيد بن جبير: «أنّ اليهود قالوا للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: يا أبا القاسم إنّك أخبرتنا أنّ الله خلق السّماء من دخان وخلق الجانّ من مارج من نار وخلق آدم من طين، فأخبرنا عن ربك ممّ خلقه؟!» (١).وروي أنّهم قالوا: إنّ هذا الخلق خلق الله فمن خلقه؟ فغضب النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم حتّى جعل لحمه يربو عليه وحتّى همّ أن يباسطهم، فأوحى إليه جبريل: أن اسكن، وأنزل الله عليه هذه السّورة.

وقال ابن (٢) كيسان: «قالت اليهود: صف لنا ربّك، فإنّه قد نزل نعته في التّوراة، فما طوله وما عرضه؟ فارتعد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ووضع إصبعيه في أذنيه وفاضت عيناه، فجعل أبو بكر رضي الله عنه يمسح الدّموع عن وجنتيه، فأنزل الله هذه السّورة جوابا لهم تعالى الله عمّا يقول الظّالمون علوّا كبيرا».

والمعنى: قل لهم يا محمّد: الذي سألتم عن تبيين نسبه هو الله، وهذا الاسم معروف عند جميع أهل الأديان والملل، كما قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ} (٣).والأحد والواحد في اللغة بمعنى واحد، وقال ثعلب: «واحد وأحد وفرد سواء».

قوله تعالى: {اللهُ الصَّمَدُ} (٢)؛معناه: هو الله الذي يصمد إليه في الحوائج وإليه المفزع في الشدائد، تقول العرب: صمدت إلى فلان أصمد صمدا بسكون الميم إذا قصدته، والمصمود: المقصود.

وعن ابن عبّاس: (أنّ الصّمد السّيّد الّذي قد كمل في سؤدده، والشّريف الّذي قد كمل في شرفه، والعظيم الّذي قد كمل في عظمته، والجبّار الّذي قد كمل في جبروته، والغنيّ الّذي قد كمل في غناه، والعليم الّذي قد كمل في علمه، والحكيم الّذي قد كمل في حكمته، والحليم الّذي قد كمل في حلمه، فهو الله الّذي له هذه


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٩٦١٧).
(٢) في المخطوط: سقط (ابن).
(٣) الزخرف ٨٧/.

<<  <  ج: ص:  >  >>