للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إيماء] (١).قال قوم: لو كلّف الله العباد فوق وسعهم لكان ذلك له؛ لأن الخلق خلقه والأمر أمره، ولكنه أخبر أنه لا يفعله.

قوله تعالى: {(لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ)} يعني النفس لها جزاء ما عملت من الخير والعمل الصالح؛ أي لها أجره وثوابه؛ وعليها وزر ما اكتسبت من المعصية والعمل السيّئ لا يؤاخذ أحد بذنب أحد؛ ولا تزر وازرة وزر أخرى.

والفرق بين الكسب والاكتساب: أن الكسب فعل الإنسان لنفسه ولغيره، والاكتساب ما يفعله لنفسه خاصة. وقيل: لا فرق بينهما في اللغة. فعلى القول الأول وصف المسيء بالاكتساب؛ لأن وزره لا يعدوه؛ ومعصيته لا تضرّ غيره، ووصف المحسن بالكسب؛ لأن غيره يشاركه في ثوابه بالهداية والشفاعة.

قوله تعالى: {رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا؛} أي لا تعاقبنا إن نسينا طاعتك أو أخطأنا في أمرك. وقال الكلبيّ: (إن جهلنا أو تعمّدنا)،فذهب إلى الخطأ الذي هو ضدّ الصواب لا ضدّ القصد. يقال: خطأ إذا تعمّد؛ وأخطأ إذا سهى، وقد يقال: أخطأ إذا تعمّد. وقيل: معنى الآية: إن تركنا أمرا أو اكتسبنا خطيئة.

والنسيان بمعنى الترك معروف في الكلام كما في قوله تعالى: {نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ} (٢) أي تركوا ذكر الله وأمره فتركهم في العذاب. والمراد بالمؤاخذة والنسيان سقوط الإثم في الآخرة. فأما في حكم الدنيا فلا يرتفع التكليف منه إذا ذكره بعد النسيان كما قال صلّى الله عليه وسلّم: [من نام عن صلاة أو نسيها فليصلّها إذا ذكرها] (٣).وكذلك الخطأ مرفوع الإثم في الآخرة وهو تأويل الخبر المرويّ عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: [ورفع


(١) أخرجه الإمام أحمد في المسند: ج ٤ ص ٤٢٦.والبخاري في الصحيح: كتاب تقصير الصلاة: باب إذا لم يطق قاعدا: الحديث (١١١٧).وأبو داود في السنن: كتاب الصلاة: الحديث (٩٥٢). والترمذي في الجامع: أبواب الصلاة: باب ما جاء أن صلاة القاعد على النصف: الحديث (٣٧٢).
(٢) التوبة ٦٧/.
(٣) أخرجه الطبراني في الأوسط: الحديث (٦١٢٥)،وإسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>