للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأكثر القرّاء على فتح الميم من «(الم)» وللفتح وجهان؛ أحدهما: أنه لمّا كانت الميم بعد ياء ساكنة استثقلوا فيها السكون فحرّكوها إلى الفتح؛ لأنّ ذلك أخفّ نحو:

أين وكيف. والثاني: أنه ألقي عليها فتحة الهمزة من ألف (الله) وهذا جائز في الهجاء وإن كان لا يجوز مثله في الكلام الموصول من حيث إنّ حروف الهجاء مبنية على الوقف، ومن قرأ بتسكين الميم فعلى أصل حروف الهجاء أنّها مبنية على الوقوف والسكون.

قوله عزّ وجلّ: {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ،} قرأ ابراهيم بن أبي عبلة: «(نزل عليك الكتاب)» بتخفيف الزاي، وقرأ الباقون بالتشديد، ونصب الياء لأنّ القرآن كان ينزل منجّما شيئا بعد شيء، والتنزيل مرّة بعد مرّة. قال الله تعالى: {وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ} (٣)؛لأنّهما نزلتا دفعة واحدة.

ومعنى الآية: نزّل عليك يا محمّد القرآن بالصدق لإقامة أمر الحقّ.

قوله تعالى: {(مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ)؛} أي موافقا لما تقدّمه من التوراة والانجيل وسائر كتب الله تعالى في الدّعاء إلى توحيد الله، وبيان أقاصيص الأنبياء والأمر بالعدل والإحسان وسائر ما لا يجري فيه النّسخ وبعض الشرائع. وانتصب {(مُصَدِّقاً)} على الحال من الكتاب.

قوله تعالى: {(وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ)} أي أنزل التوراة جملة على موسى، والإنجيل جملة على عيسى

{مِنْ قَبْلُ} القرآن، {هُدىً لِلنّاسِ؛} أي بيانا ونورا وضياء لمن تبعه. وموضع {(هُدىً)} نصب على الحال.

قوله تعالى: {وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ؛} يعني القرآن، وأمّا ذكره لبيان أنه يفرّق بين الحقّ والباطل، ومتى اختلف فوائد الصفات على موصوف واحد لم يكن ذكر الصفة الثانية تكرارا، بل تكون الثانية في حكم المبتدلات لكلّ صفة فائدة ليست للأخرى، والصفة الأولى تفيد أنّ من شأنه أن يكتب، والصفة الثانية تفيد أنّ من شأنه أن يفرّق بين الحق والباطل. وقيل: إنّ كلّ كتاب لله فهو فرقان.

<<  <  ج: ص:  >  >>