للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[إنّ أحقّ الشّروط أن توفّوا ما استحللتم به الفروج] (١).

قوله تعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً} (٤)؛ أي إن أحللن لكم عن شيء من المهر، وإن وهبن لكم منه شيئا. ونصب {(نَفْساً)} على التّمييز إذا قيل {(طِبْنَ لَكُمْ)} لم يعلم في أيّ صنف وقع الطيب، فكأنه قال: إن طابت أنفسهن بهبة شيء من المهر فكلوا الموهوب لكم هنيئا لا إثم فيه، مريئا لا ملامة فيه.

قال الحضرميّ (٢): (إنّ ناسا كانوا يتأثّمون أن يرجع أحدهم في شيء ممّا ساق إلى امرأته).قال الله تعالى: {(فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً)} من غير إكراه ولا خديعة {(فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً)} أي شافيا طيّبا.

وقيل معناه: فكلوه دواء شافيا، وقيل: الهنيء: الطّيّب المساغ الّذي لا يغصّه شيء، والمريء: المحمود العاقبة الّذي لا يضرّ ولا يؤذي، تقول: لا تخافون في الدنيا منه مطالبة، ولا في الآخرة بتبعة، يقال: هنأني لي الطعام ومرّأني، فإذا أفرد يقال:

أمرأني ولا يقال أهنأني، وهنيئا مصدر.

وعن عليّ رضي الله عنه أنه قال: (إذا كان أحدكم مريضا فليسأل امرأته درهمين من مهرها تهب له بطيبة نفسها؛ فليشتر بذلك عسلا، ويشربه مع ماء المطر، فقد اجتمع الهنيء والمريء والشّفاء والماء المبارك) (٣).لأنّ الله تعالى سمّى المهر هنيئا مريئا إذا وهبته المرأة لزوجها؛ وسمّى العسل شفاء؛ وسمّى المطر ماء مباركا، فإذا اجتمعت هذه الأشياء يرجى له الشّفاء.


(٣) -امرأته؛ قال الهيثمي: «رواه أحمد والطبراني وفي إسناد أحمد رجل لم يسمّ، وبقية رجاله ثقات. وفي إسناد الطبراني من لم أعرفهم» وإسناده حسن.
(١) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير: ج ١٧ ص ٢٣٩ - ٢٤٠:الحديث (٧٥٢ - ٧٥٧).وأخرجه البخاري في الصحيح: كتاب الشروط: باب الشروط في المهر: الحديث (٢٧٢١)،وكتاب النكاح: باب الشروط في النكاح: الحديث (٥١٥١).ومسلم في الصحيح: كتاب النكاح: باب الوفاء بالشروط: الحديث (١٤١٨/ ٦٣).
(٢) في جامع البيان: النص (٦٧٨٧)؛قال الطبري بإسناده أبي المعتمر: «قال: زعم الحضرمي ... وذكره».
(٣) الجامع لأحكام القرآن: ج ٥ ص ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>