للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المصاف وليقفوا بإزاء العدوّ؛ {وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ؛} وهم الذين كانوا بإزاء العدوّ، ولم يصلّوا معك في الركعة الأولى؛ فليصلّوا معك الركعة الأخرى، ولتكن أسلحتهم معهم في الصّلاة، ولم يذكر في الآية لكلّ طائفة إلاّ ركعة واحدة.

وفي صلاة الخوف خلاف بين العلماء؛ قال بعضهم: إنّها غير مشروعة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وهو رواية عن أبي يوسف وهو قول الحسن بن زياد؛ لأنّ في هذه الآية ما يدلّ على كون النبيّ صلى الله عليه وسلم شرط في إقامة صلاة الخوف؛ ولأنّها إنّما جازت للنبيّ صلى الله عليه وسلم ليستدرك الناس فضيلة الصلاة خلفه؛ لأنّ إمامة غيره لم تكن لتقوم مقام إمامته.

وذهب أكثر العلماء إلى أنّ صلاة الخوف مشروعة بعد النبيّ صلى الله عليه وسلم، وأنّ الخطاب في هذه الآية وإن كان للنبيّ صلى الله عليه وسلم فالأئمّة بعده يقومون مقامه كما في قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً} (١) ونحو ذلك من الآيات.

واختلفوا في كيفيّة صلاة الخوف، فقال أبو حنيفة ومحمد: (يجعل الإمام النّاس طائفتين؛ طائفة بإزاء العدوّ؛ وطائفة معه؛ فيصلّي بهما ركعة ركعة، ثمّ تنصرف هذه الطّائفة إلى وجه العدوّ، وتجيء الأخرى فيصلّي بهم ركعة، ويتشهّد ويسلّم. ثمّ ترجع هذه الطّائفة إلى وجه العدوّ بغير سلام، وتأتي الأولى فتقضي الرّكعة الثّانية وحدانا بغير قراءة، فإذا سلّمت وقفت بإزاء العدوّ، وجاءت تلك الطّائفة فتقضي الرّكعة الأولى وحدانا بقراءة.

وعن أبي يوسف: (إذا كان العدوّ في وجه القبلة؛ وقف الإمام وجعل النّاس خلفه صفّين؛ فافتتح بهم الصّلاة معا، فصلّى بهم ركعة؛ فإذا سجد الإمام سجد معه الصّفّ الأوّل، ووقف الثّاني يحرسونهم، فإذا رفعوا رءوسهم من السّجود سجد الصّفّ الثّاني؛ وتأخّر الأوّل، ويقوم الصّفّ الثّاني فيركع بهم جميعا، ثمّ يرفعون رءوسهم ويسجد الصّفّ المتقدّم سجدتين، والصّفّ الآخر يحرسونهم، ثمّ يسجد


(١) التوبة ١٠٣/.

<<  <  ج: ص:  >  >>