للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله عزّ وجلّ: {وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ؛} قال ابن عبّاس: (غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم محاربا بني أنمار فهزمهم الله تعالى؛ فنزل النّبيّ صلى الله عليه وسلم والمسلمون ولا يرون من العدوّ أحدا، فوضعوا أسلحتهم وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي لحاجة له قد وضع سلاحه، حتّى قطع الوادي والسّماء ترشّ، فحال الوادي بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في ظلّ شجرة، فبصر به غورث بن الحارث المحاربيّ، فانحدر من الجبل ومعه السّيف، وقال لأصحابه: قتلني الله إن لم أقتل محمّدا، فلم يشعر به رسول الله صلى الله عليه وسلم إلاّ وهو قائم على رأسه وفي يده السّيف مسلولا.

فقال: يا محمّد؛ من يعصمك منّي الآن؟ فقال: [الله عزّ وجلّ] ثمّ قال صلى الله عليه وسلم:

[اللهمّ اكفني غورث بن الحرث بما شئت] فأهوى بالسّيف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليضربه، فانكبّ لوجهه وبدر سيفه، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ السّيف وقال: [من يمنعك ويعصمك منّي يا غورث؟] قال: لا أحد. قال: [أشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّي رسول الله وأعطيك سيفك] قال: لا، ولكن لا أقاتلك أبدا، ولا أعين عليك عدوّا، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه، فقال غورث للنّبيّ صلى الله عليه وسلم: أجل؛ لأنت خير منّي، فقال: [أجل؛ أنا أحقّ بذلك منك].

فرجع إلى أصحابه؛ قالوا له: ويلك! رأيناك قد أهويت بالسّيف قائما على رأسه، ما منعك منه؟ فقال: لقد أهويت لكن والله لا أدري من زلخني بين كتفيّ، فخررت لوجهي، وخرّ سيفي من يدي، فسبقني إلى سيفي فأخذه. ثمّ رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقطع الوادي وأتى أصحابه فأخبرهم بالقصّة، فأنزل الله تعالى: {(وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ)} (١).أي لا


(١) في الإصابة في تمييز الصحابة: ج ٥ ص ٣٢٨:الترجمة (٦٩٢٨) غورث بن الحارث: قال ابن حجر: «ذكره الثعلبي عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس».وقال: «ولكن ساق في القصة أشياء مغايرة لما تقدم من الطريق الصحيحة» وللقصة أصول صحيحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>