للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يستطيعون الرجوع، قال: فيخاف المؤمنون حينئذ أن يطفأ نورهم، فيقولون: ربّنا أتمم لنا نورنا، واغفر لنا إنّك على كل شيء قدير.

قوله تعالى: {وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ؛} يعني المنافقين؛ {قامُوا كُسالى؛} أي متثاقلين لا يريدون بها وجه الله تعالى، {يُراؤُنَ النّاسَ} ولا يريدون الصلاة إلاّ مراءة للناس خوفا منهم، {وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلاّ قَلِيلاً} (١٤٢)؛أي لا يصلّون لله إلاّ قليلا رياء وسمعة، ولو كانوا يريدون بذلك القليل وجه الله لكان كثيرا.

قوله تعالى: {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ؛} نصب على الذمّ؛ ومعناه: متردّدين بين كفر السّرّ وإيمان العلانية، ليسوا من المؤمنين فيجب لهم ما يجب للمسلمين؛ وليسوا من الكفّار فيجب عليهم ما يجب على الكفّار. وقيل: معناه: متحيّرين بين الكفر والإيمان، {لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ؛} أي ليسوا من المؤمنين فيجب عليهم ما يجب عليهم، وليسوا من الكفّار فيؤخذ منهم ما يؤخذ من الكفّار؛ أي ما هم بمؤمنين مخلصين، ولا مشركين مصرّحين بالشّرك.

وكان صلى الله عليه وسلم يضرب مثلا للمؤمنين والمنافقين والكافرين كمثل ثلاثة دفعوا إلى نهر؛ فقطعه المؤمن؛ ووقف الكافر؛ ونزل فيه المنافق، حتّى إذا توسّطه عجز؛ فناداه الكافر: هلمّ إليّ لا تغرق، وناداه المؤمن: هلمّ إليّ لتخلص. فما زال المنافق يتردّد بينهما حتّى إذا أتى عليه ماء فغرّقه، فكان المنافق لم يزل في شكّ حتّى يأتيه الموت.

قوله تعالى: {وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً} (١٤٣)؛أي من يخذله الله عن الهدى، فلن تجد له يا محمّد طريقا إلى الهدى.

قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ؛} أي لا تفعلوا أيّها المؤمنون كفعل المنافقين، {أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً مُبِيناً} (١٤٤)؛أي أتريدون أن تجعلوا لله عليكم حجّة ظاهرة توجب العقوبة عليكم في الدّنيا والآخرة. والسّلطان في اللغة: هو الحجّة؛ يقال للأمير: سلطان؛ يراد بذلك أنه حجّة.

<<  <  ج: ص:  >  >>