للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وظاهر الآية يقتضي وجوب القطع على السّارق في القليل والكثير، وهو قول الخوارج، إلاّ أنه قد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: [لا قطع في أقلّ من عشرة دراهم] (١) وبه أخذ أصحابنا، وروي عن عليّ وابن مسعود مثل قولنا.

وعن عمر رضي الله عنه أنه قال: (لا تقطع الخمس إلاّ في خمس) أي الخمس أصابع لا تقطع إلاّ في خمسة دراهم (٢).وعن عائشة رضي الله عنها؛ أنّها قالت: (لا قطع إلاّ في ربع دينار) (٣) وهو قول الشافعيّ. وقال عبد الله بن عمر: (ثلاثة دراهم) (٤).

قوله تعالى: {فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ؛} أي من تاب من السراق من بعد سرقته وأصلح العمل فيما بينه وبين الله تعالى، {فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ؛} أي يتجاوز عنه ولا يؤاخذه في الآخرة، ولا تقطع يده إذا ردّ المال قبل المرافعة إلى الحاكم، {إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٣٩)؛بمن مات على التوبة.

وأما إذا رفع إلى الحاكم ثم تاب فالقطع واجب، فإن كانت توبته حقيقة كان ذلك زيادة درجات له، كما أنّ الله تعالى ابتلى الصالحين والأنبياء بالبلايا والمحن والأمراض زيادة لهم في درجاتهم، وإن لم تكن توبته حقيقة كان الحدّ عقوبة له على ذنبه، وهو مؤاخذ في الآخرة إن لم يتب.

وعن عبد الله بن عامر قال: سرقت امرأة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءوا بها إليه، قالوا: يا رسول الله إنّ هذه المرأة سرقتنا، فقال قومها: نحن نفديها، فقال رسول


(١) أخرجه الطبراني في الأوسط: الحديث (٧١٣٨).وفي مجمع الزوائد: ج ٦ ص ٢٧٤؛قال الهيثمي: «رواه الطبراني في الأوسط، وإسناده ضعيف».وفي نصب الراية: ج ٣ ص ٣٥٩؛قال الزيلعي: «أخرجه أحمد عن الحجاج بن أرطأة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا. قال في التنقيح: الحجاج مدلس ولم يسمع هذا الحديث من عمرو» انتهى.
(٢) أخرجه الدارقطني في السنن: كتاب الحدود والديات: الحديث (٣٠٧ و ٣٠٨) عن عمر، إسناده حسن. وفي مجمع الزوائد: ج ٦ ص ٢٧٤؛قال الهيثمي: «عن سعد بن أبي وقاص، أخرجه الطبراني في الأوسط، وفيه أبو واقد الصغير، ضعفه الجمهور، وقال أحمد: ما أرى به بأسا».
(٣) أخرجه البخاري في الصحيح: كتاب الحدود: الحديث (٦٧٨٩ و ٦٧٩٠ و ٦٧٩١).
(٤) أخرجه البخاري في الصحيح: الحديث (٦٧٩٧ و ٦٧٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>