للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله عزّ وجلّ: {وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللهُ فِيهِ؛} أي وليقض أهل الإنجيل، وهذا جزم بالأمر؛ أي قلنا لهم: احكموا بما أنزل الله في الإنجيل. قال الكلبيّ: (بيّن الله حكم الرّجم على الزّاني المحصن، وحكم القصاص في النّفس والأطراف، وحكم القطع على السّارق في التّوراة والإنجيل وفيما أنزل على نبيّنا صلى الله عليه وسلم، وجميع هذه الكتب يصدّق بعضها بعضا).

قرأ الأعمش وحمزة: «(وليحكم)» بكسر اللام وفتح الميم؛ أي آتيناه الإنجيل لكي يحكم، وقرأ الباقون بجزم اللام والميم. قال مقاتل: (أمر الله الرّبّانيّين أن يحكموا بما في التّوراة، وأمر القسّيسين والرّهبان أن يحكموا بما في الإنجيل، فكفروا وكذبوا محمّدا صلى الله عليه وسلم؛ وقالوا: العزير ابن الله، وقالوا: المسيح ابن الله).

قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ} (٤٧)؛ أي من لم يحكم بما أنزل الله في كتبه على رسله، فأولئك هم الخارجون عن أمر الله.

قوله عزّ وجلّ: {وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ؛} أي وأنزلنا إليك يا محمّد القرآن بالصّدق، وموافقا لما تقدّم من الكتب في التوحيد، وبيان الحقّ من الباطل، {وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ؛} أي أمينا ومؤتمنا على ما قبله من الكتب. ويقال: شاهدا على الكتب كلّها، وهذا وصف خاصّ للقرآن دون ما سواه.

وأصل مهيمن: مؤتمن، على وزن مفيعل من الأمانة، إلاّ أن الهاء أبدلت من الهمزة كما قالوا: أرقت الماء وهرقت الماء، وأناك وهناك، وهيهات وأيهات، ونظير المهيمن: مسيطر. قال الشعبيّ والكسائي ورواية الكلبي (١) عن ابن عباس معنى قوله {(وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ)} أي شاهدا (٢)،قال الشاعر:

إنّ الكتاب مهيمن لنبيّنا ... والحقّ يعرفه ذوو الألباب


(١) في المخطوط: (الدالبي) هكذا رسمها الناسخ، والأقرب إلى رسمها (الكلبي) والله أعلم.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: النص (٩٤٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>