للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

آلهة؛ لاعتقادهم استحقاقها للعبادة. وقال بعضهم: هو من قولهم: أله الرجل إلى فلان يأله إلاهة؛ إذا فزع إليه من أمر نزل به؛ فآلهه أي أجاره وأمّنه. ويقال للمألوه إليه: إلها. كما قالوا للمؤتمّ به: إماما؛ فمعناه أن الخلائق يألهون ويتضرّعون إليه في الحوائج والشدائد.

واختلفوا في {(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)} هل هي آية من الفاتحة؟ فقال قرّاء الكوفة: هي آية منها؛ وأبى ذلك أهل المدينة والبصرة. وأما قوله {(الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)} فهما اسمان مأخوذان من الرّحمة؛ وزنهما من الفعل نديم وندمان من المنادمة، وفعلان أبلغ من فعيل، وهو من أبنية المبالغة. ولا يكون إلا في الصفات؛ كقولك: شبعان وغضبان؛ ولهذا كان اسم (الرّحمن) مختصّا بالله لا يوصف به غيره. وأمّا اسم (الرّحيم) فمشترك.

وعن عثمان رضي الله عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: [الرّحمن العاطف على جميع خلقه بإدرار الرّزق عليهم] (١) فالرحمة من الله تعالى الإنعام على المحتاج؛ ومن الآدميّين رقّة القلب؛ وإنّما جمع بين الرّحمن والرّحيم للنهاية في الرّحمة والإحسان بعد الاحتنان. وعن ابن عبّاس رضي الله عنهما أنه قال: [هما اسمان رقيقان أحدهما أرقّ من الآخر] ولو قال: لطيفان لكان أحسن (٢).


(١) الحديث عن عثمان بن عفان؛ حكاه القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج ١ ص ١٠٧ على أنه ضعيف؛ وبلفظ قريب منه، قال: روي عن عثمان بن عفان أنه سأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن تفسير بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ؟ فقال: [أمّا الباء: فبلاء الله وروحه ونضرته وبهاؤه. وأمّا السّين: فسناء الله. وأمّا الميم فملك الله. وأمّا الله: فلا إله غيره. وأمّا الرّحمن: فالعاطف على البرّ والفاجر من خلقه. وأمّا الرّحيم: فالرّفيق بالمؤمنين خاصّة]. أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات: ص ٥١: جماع أبواب ذكر الأسماء التي تتبع إثبات التدبير له دون ما سواه: بإسناده عن ابن عباس وبلفظ قريب وقال: إسناده لا يصح.
(٢) رواه البيهقي في الأسماء والصفات: ص ٥١ بإسنادين أحدهما ضعيف والآخر مقطوع. وحكاه القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج ١ ص ١٠٦ معلقا. أما قوله: (لطيفان لكان أحسن) فلما جاء تفسيره كما نقله البيهقي والقرطبي عن أبي سليمان الخطابي قال: «وهذا مشكل، لأن الرقة لا مدخل لها في شيء من صفات الله تعالى».وقال البيهقي: «ومعنى الرقيق هاهنا اللطيف،-

<<  <  ج: ص:  >  >>