للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والسّهل والجبل؛ والنّبات والشجر، خلق السموات وما فيها في يومين؛ يوم الأحد ويوم الاثنين؛ وخلق الأرض وما فيها في يومين؛ يوم الثلاثاء ويوم الأربعاء.

قوله تعالى: {وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ؛} قال السديّ: (ظلمة اللّيل ونور النّهار).وقال الواقديّ: (كلّ ما في القرآن من الظّلمات والنّور فهو الكفر والإيمان؛ إلاّ في هذه الآية فإنّه يريد به اللّيل والنّهار).قال قتادة: (يعني الجنّة والنّار) (١).وقال الحسن: (يعني الكفر والإيمان) (٢).

وقيل: خلق الليل والنهار لمصالح العباد؛ يستريحون باللّيل ويبصرون معايشهم بالنهار. وإنّما جمع (الظّلمات) ووحّد (النّور) لأن النور يتعدّى، والظلمة لا تتعدّى.

وقال أهل المعاني: (جعل) هاهنا صلة؛ والعرب تزيد (جعل) في الكلام كقول الشاعر:

وقد جعلت أرى الاثنين أربعة ... والواحد اثنين لمّا هدّني الكبر

وتقدير الآية: {(الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ)} والظّلمات والنّور.

وقيل: معناه: {(خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ)؛} لأنه خلق الظلمة والنور قبل السموات والأرض. وقال قتادة: (خلق الله السّماوات قبل الأرض، والظّلمة قبل النّور، والجنّة قبل النّار).

وقال وهب: (أوّل ما خلق الله مكانا مظلما، ثمّ خلق جوهرة فأضاءت ذلك المكان، ثمّ نظر إلى الجوهرة نظر الهيبة، فصارت ماء وارتفع بخارها ونبذ زبدها، فخلق من البخار السّماوات؛ ومن الزّبد الأرضين).

قوله عزّ وجلّ: {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} (١)؛أي {(ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا)} بعد هذا البيان {(بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ)} الأوثان؛ أي يشركون. وقيل: معناه:

{(يَعْدِلُونَ)} (يعدلون) أي يجعلون لله عديلا ويعبدون الحجارة والأموات؛ وهم يقرّون بأنّ الله خالق هذه الأشياء، فالأصنام لا تعقل شيئا من ذلك.


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: النص (١٠١٥٧).
(٢) في الدر المنثور: ج ٣ ص ٢٤٧؛ قال السيوطي: ((أخرجه أبو الشيخ عن ابن عباس)).

<<  <  ج: ص:  >  >>