للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله عزّ وجلّ: {وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ؛} معناه: هو الله المعبود المنفرد بالتدبير في السّماوات والأرض، العالم بما يصلحهما وبما يعمل فيهما. يعلم جهركم وسرّ أعمالكم وعلانية أموركم، {وَيَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ} (٣)؛أي ما تعملون من خير وشرّ. وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: [من قرأ من أوّل سورة الأنعام ثلاث آيات إلى قوله:

{(وَيَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ)} وكّل الله به أربعين ملكا يكتبون له مثل عبادتهم إلى يوم القيامة، وينزل ملك من السّماء السّابعة معه مرزبة من حديد، فإذا أراد الشّيطان أن يوسوس له؛ ضربه بها ضربة كان بينه وبينه سبعون حجابا، فإذا كان يوم القيامة يقول الله تعالى: امش في ظلّي؛ وكل من ثمار جنّتي؛ واشرب من ماء الكوثر؛ واغتسل من ماء السّلسبيل؛ وأنت عبدي وأنا ربّك] (١).

قوله عزّ وجلّ: {وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلاّ كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ} (٤)؛أي ما تأتي كفّار مكة من دلائل التوحيد والنبوّة؛ مثل كسوف الشمس والاستسقاء، وكسوف القمر والدّخان؛ إلا كانوا عن هذه الآيات والعلامات معرضين مكذّبين تاركين لها.

قوله تعالى: {فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمّا جاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْباءُ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ} (٥)؛أي فقد كذب أهل مكة بمحمّد صلّى الله عليه وسلّم والقرآن؛ وبما رأوه من انفلاق القمر بمكة، كما روي عن ابن مسعود (أنّ القمر انفلق فلقتين حتّى رأوا اجرابي فلقتي القمر، ثمّ ذهبت فلقة وبقيت فلقة).

وقوله تعالى: {(فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْباءُ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ)} هذا وعيد لهم؛ أي سيعلمون ما يؤول إليه عاقبة استهزائهم بالرّسل والكتب والآيات التي كانت تأتيهم، فقتلهم الله يوم بدر بالسّيف، ويأتيهم خبر استهزائهم حين يرون العذاب معاينة.

والنبأ عبارة عن خبر الّذي له عظم وشأن.


(١) في الدر المنثور: ج ٣ ص ٢٤٥ - ٢٤٨؛ قال السيوطي: ((أخرجه السلفي بسند واه عن ابن عباس)).ونقله أهل التفسير عن جابر رضى الله عنه؛ ينظر: اللباب: ج ٨ ص ٥٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>