للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أيديهم وأرجلهم بعد حلفهم {(وَاللهِ رَبِّنا ما كُنّا مُشْرِكِينَ)} يقول الله تعالى: {(انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ)} {ما كانُوا يَفْتَرُونَ} (٢٤).

قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً؛} قال ابن عبّاس: (وذلك أنّ أبا سفيان والوليد بن المغيرة وعتبة وشيبة والنّضر بن الحارث وأبيّ بن خلف وجماعة من أهل مكّة؛ كانوا يسمعون إلى حديث النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قالوا للنّضر: ما يقول محمّد؟ قال: لا أدري ما يقول؟ إلاّ أنّي أراه محرّكا شفتيه ويتكلّم بشيء ولا يقول إلاّ أساطير الأوّلين مثل ما كنت أحدّثكم عن القرون الماضية. وكان النّضر كثير الحديث عن القرون الأوّلين وأخبارهم، فأنزل الله تعالى هذه الآية) (١).

ومعناها: ومن أهل مكة من يستمع إلى حديثك وقراءتك، وجعلنا على قلوبهم أغطية كراهة أن يفقهوه؛ وفي آذانهم ثقلا وصمما، فلا يسمعون الهدى. وموضع {(أَنْ يَفْقَهُوهُ)} نصب على أنه مفعول له؛ أي جعلنا على قلوبهم أكنّة لكراهة أن يفقهوه.

والوقر بفتح الواو: الثّقل في الأذن، والوقر بكسر الواو: ما يحمل على الظّهر.

قوله تعالى: {وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها؛} أي وإن يروا كلّ حجّة ودلالة لا يقرّوا ولا يصدّقوا بها.

قوله تعالى: {حَتّى إِذا جاؤُكَ يُجادِلُونَكَ؛} أي يخاصمونك بالباطل؛ {يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلاّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ} (٢٥)؛أي يقول النّضر بن الحارث وأصحابه: ما هذا إلا أحاديث الأوّلين وأباطيلهم.

قوله عزّ وجلّ: {وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ؛} قال مقاتل: (نزلت في أبي طالب، كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يدعوه إلى الإسلام، فاجتمعت قريش إلى أبي طالب يريدون سوءا بالنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فقال أبو طالب:

والله لن يصلوا إليك بجمعهم ... حتّى أوسّد في التّراب دفينا


(١) ينظر: الروض الأنف: بين النبي صلّى الله عليه وسلّم وبين قريش: ج ٢ ص ٤٧ مطولا. والسيرة النبوية لابن هشام: ج ١ ص ٣١٥ - ٣١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>