عند قومه ثم غفر له فمعناه أنَّه ستر عن أكثر النَّاس لأَن أكثر النَّاس غير معاصرين له.
إذا قَالَ قَائِل: ما الفَرْق بين العَفو والصَّفْح؟
الجواب: العَفو بمَعْنى التَّجاوُز، يعني أن الله إِذَا عفا عنه فقد تجاوز عنه، وقد يَكُون الصَّفح بدون عفو كما لو أعرض الْإِنْسَان عن هَذَا الاعتداء لكن قلبه مملوء على صاحبه ولم يعفُ عنه، وقد يَكُون العَفو بدون صفح بأن يتجاوز ولا يعاقبه على ذنبه ولكنه لَيْسَ معرضًا عن هَذَا الذم كلما جاءت مناسبة ذكره، ولهذَا أمر الله بالْأَمْرين جميعًا.
لو قَالَ قَائِلٌ: هل العَفو والصَّفْح يَكُون من الله جَلَّ وَعَلَا؟
الجواب: العَفو كما تقدَّم بمَعْنى التَّجاوُز، وعفا الله عنه بمَعْنى تجاوز عنه، والله جلَّ وَعَلَا لا يَقُول: صفحت عنكم، وإنما الصفح فيما نؤمر به، وأما الله عَزَّ وجلَّ فلا أذكر الآن أن يقال: صفح الله عنه، بل يَقُول: عفا عنه، فالصَّفْح والعَفو إِذَا اجتمعا في حق المخْلُوق فإنَّه يُفَصَّل، العَفو بكذا أي بعدم المؤاخذة على الذَّنب، والصَّفْح بالإعراض عنه كلية، وكأنه لم يجر فيَكُون تكميلًا للعفو، وإذا نظرنا إلى معناه الأَصْلي فالعَفو عدم المؤاخذة على الذَّنب، لكن لا أدري هل يُمْكِن أن يَكُون العَفو في حق الله شاملًا الْأَمْرين؟ ! بمَعْنى أن الله يتجاوز عنه نهائيًا ولا يجعل هُناكَ أمورًا خلفية لهذَا العَفو، يعني يُمْكِن أن نقول: إن العَفو في حق الله يشمل الصَّفح.