للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يفرح به، فإذا مات عُصفوره يغتم به، حَتَّى إنه في بعض الأَحْيان يلعب به وهو ميت، فالنَّبيّ عليهَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لما دخل ذات يوم ووجد الصَّبي محزونًا على فقد هَذَا النُّغير قَالَ له: "يَا أبا عُمَيْر مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ".

عَلَى كُلِّ حَالٍ اتقوا الله ما استطعتم وفضل الله يؤتيه من يشاء، ولهَذَا لما قَالَ رجل لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: "هَلْ عَهِدَ إِلَيْكُمُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بشَيْءٍ؛ قَالَ: مَا عَهِدَ إِلَيْنَا بِشَيْءٍ إِلَّا فَهْمًا يُؤْتِيهِ اللهُ فِي الكِتابِ، وَما فِي هَذه الصَّحِيفَةِ ... " (١) وذكر ما في هَذه الصَّحيفة.

الحاصل: أن على طالب العِلْم أن يهتم ويتعلم كَيْفَ يستنبط الفوائد من النُّصوص، وهَذَا من أهم الأَشْيَاء؛ لأَن النَّاس يختلفون في التحصيل العلمي اختلافًا كثيرًا، لَيْسَ بحسب كثرة الاطِّلاع فقط ولكن بحسب كثرة الاطِّلاع وبحسب الفَهْم؛ ويزداد علمهم بسبب اختلافهم في ذَلِك، فالْإِنْسَان الَّذِي أعطاه الله فهمًا في نصوص الكتاب والسُّنَّةِ.

يُمْكِن أن يحصل من النُّصوص القليلة أحكامًا كَثيرَة؛ ولهذَا تجد بعض العُلَماء يستعرض آية ويستنبط منها فوائد كَثيرَة جدًّا وهي واحدة، وعلى العكس من ذَلِك الْاِنْسَان الَّذِي لم يعطه الله فهمًا، قد تَكُون عنْدَه نصوص كَثيرَة، ولا يتفطن لما فيها من الأَحْكام، فيفوته علم كثير فالمهم تمرين الْإِنْسَان نفسه على أخذ الفوائد واسْتِنْباطها من الكتاب والسُّنَّةِ هَذَا يُفيد كثيرًا، ويكثر من علمه وهَذَا الاسْتِنْباط يَكُون من الدَّلالَة الضمنية ودَلالَة المطابقة ودَلالَة الالتزام؛ لأَن الدلالات كما تقدَّم دَلالَة تَضَمّن ومُطَابَقة والْتِزَام.


(١) أخرجه البخاري: كتاب العلم، باب كتابة العلم، رقم (١١١).

<<  <   >  >>