أي مما يُقَال فِيهم، ومثَّل المُفسّر لهم بعَائِشَة -رضي الله عنها- وصفوانَ بْن أميَّة - رضي الله عنه - الَّذي قد رُمي بها كما وَرد فِي القِصَّة.
لكِن قِصَّة الإِفْك في حَقِيقتها لَيْست طعنًا في عَائِشَة وصفوانَ -رضي الله عنهما- فقَط، ولكنَّها طعْن فِيهما وفي النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - وفي أَبي بَكْر - رضي الله عنه -، فهؤُلاءِ الطَّيِّبون مُبرَّؤون مما يُقَال فيهم.
قوْله: [{لَهُمْ} لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيبات {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} فِي الجْنَّة]، أي هؤُلاءِ لهم مَغْفِرة عَلى ذُنوبِهم، ورزقٌ كَريم على طاعَاتِهم، فإنَّ الذَّنب يناسِبُه المَغْفِرة، والأعْمال الصَّالحة يناسِبُها الرِّزق الكَريم؛ لأنَّ مَن فعل حسَنةً يُجْزى بعشْر حسناتٍ إلى سبْع مئة ضعفٍ إلى أضعافٍ كَثيرَةٍ، فنفهم من هَذا أن هؤُلاءِ الَّذين قِيل علَيْهم ما قِيل قد حَصل لهم تكْفِيرُ سيِّئات ومَغْفِرةُ ذُنوب وكذَلِك رِفعَة درجاتٍ، وهَذِه أيضًا فرْدٌ مِن أفْراد القَاعِدَة العامَّة من أنَّه لا إنسانَ يُصيبُه همّ ولا غمّ ولا أذَىً إلا كفَّر الله عنه بذَلِك حتَّى الشوكةُ يُشاكها (١)، يكفِّر الله بها عنه.
وهل يُرفع للْمَرء بما يُؤذِيه درجاتٌ؟
نَقُول: لو أنَّه تلقَّى هَذا الأذَى بالصَّبر علَيْه فإنَّه يُرفع لهُ بِها درجَاتٍ، وإلَّا كانت تكفيرا لسيِّئاتِه فقط؛ ووجْه ذَلِك أنَّ ما أصابَهُ منَ الأَذى ليْسَ بيَدِه، وإنَّما منَ الله عَزَّ وجَلَّ، وعلَيْه فإنَّ الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى لن يجْمَع على المرْء بيْن العُقوبَتَيْن، فيُكفِّر بها عنْه مِن سيِّئاتِه، ثم إذا هُو صَبر على هَذا الأَذى يكُون قد حصَل منْه فعِل فيُجزى علَيْه خيرا.
(١) أخرجه البخاري: كتاب المرضى، باب ما جاء في كفارة المرض، رقم (٥٦٤٠)، ومسلم: كتاب البر والصلة والآداب، باب ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض أو حزن، رقم (٢٥٧٢).