الفَائِدَة الثالثة: فيها دَليلٌ على أنَّ الله سبحَانَهُ وَتَعَالى يبَرِّئ أهل الرَّجُل الطَّيِّب العَفيف منَ الخُبْث؛ لأنَّ الطَّيِّبات للطَّيِّبين، والطَّيِّبون للطَّيِّبات، وهَذا من حِكْمَة الله عَزَّ وجَلَّ، أن الإِنْسانَ كُلَّما كان طيبًا نظيفًا وطاهرًا، فإنَّ الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى يُهيئ له أهلًا بهَذِه المثابة جزاءً وِفاقًا، والأمْرُ كذَلِك بالعَكْس فيما لو كان خَبِيثًا، ولا سيَّما فيما يتعلَّق بالعِفَّة.
وهَذا شيْء لو تأمَّله الإِنْسانُ لوجده كَثيرًا، لا نَقُولُ أنَّه مُطلَقٌ وعامٌّ، فهَذا لا يمْنَع أن يكونَ هُناك حالاتٌ مُسْتثناة، وإنَّما هَذا هو الغَالِب في الواقِع، أنَّ المرْء ذا الخُلُق الخَبيث يكون أهلُه كذَلِك؛ لأنَّه لم يحْمِ نفسَه حتى يحمِيَه اللهُ عَزَّ وجلَّ.
الفَائِدَة الرَّابعة: وفيها دَليلٌ على أنَّ مِن رحَمة اللهِ سُبحَانَهُ وَتَعَالَى أنَّه يدافِع عمَّن لا يستحِقُّ ما وُصِف به من أوْصافٍ خَبِيثَة؛ لأنَّ هَذِه الآية دِفاعٌ بيِّنٌ واضِح عنْ عَائِشَة -رضي الله عنها-.
الفَائِدَة الخامِسَة: فيها دَليل على أنَّ مَن أُصِيب بمصيبةٍ قوْليَّة أو فعلَيَّة فإنَّ الله تَعالَى يَغْفر له، فإِنْ صَبر فلَهُ أجْر أيضًا.
الفَائِدَة السَّادسة: أنَّ مِن رحْمَة الله عَزَّ وجلَّ بالإِنْسان الطَّيِّب أنَّه سُبحَانَهُ وَتَعَالى يدْفَع عنه أَسْباب الشرِّ، كما أنَّه يحمِيه عن الفِتَن، ومنَ الدَّفع عنه بالأحكام الشَّرْعيَّة حذُ القذف.
وكذلك يُهيِّئ له ما يحْمِيه منَ الأُمور القدرية، وأَذْكُر هنا قِصَّة جرَت على رجُلٍ مِن مدينَتِنا، وقدْ كان هَذا الرَّجُل معروفًا بالوَرَع، الَّذي يُعتَبر مِن أكْمَل ما يكُون، ذَهب في يوْمٍ ليَحْمِل من أرضِه خشبًا لأهْلِه، وكان جارُه في الأرْض قد جمَع كوْمَةً