للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فجروا بأخواتهنَّ من الرِّضاعة؛ لأَن الصِّلة لَيْسَت صلة رحم ونسب، فصلة الرِّضاع أضعف من صلة النَّسب والرحم، ولذَلك يحصل عند بعض النَّاس -والعِيَاذ باللهِ- الَّذينَ لا يخافون من الله من تحرك الشَّهوة والتمتع بالنَّظر إلى أخواتهنَّ أو خالاتهم من الرِّضاع ما هو معْلُوم.

لِذَلك كره بعض العُلَماء للمَرْأة أن تبدي زينتها لمحارمها من الرِّضاع وقال: إن ذَلِك خطأ، ولهَذَا لم يتعرض الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى في هَذه الآيَة للرضاعة إطلاقًا أبدًا ولَيْسَ هَذَا من باب التَّحْريم وإلا فالتَّحْريم يَقُول النَّبِيّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "يَحْرُمُ مِنَ الرِّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ" (١).

فالمَسْأَلة هُنا إبداء زينة وقد علم الآن بحسب هَذَا الحصر أنَّها لَيْسَ لها علاقة بمَسْأَلة المَحرميَّة، المَحرميَّة إبداء الوجه واليدين وما أشبه ذَلِك هَذَا ثابت بالنَّص ولهَذَا قَالَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - لزوجاته: "انْظُرْنَ مَنْ إِخْوَانُكُنَّ" (٢) وأباح لإخوانهنَّ مِنَ الرِّضاعة أن يدخلوا على زوجاته، مع وُجوب الحجاب، فمَسْأَلة النَّظر إلى الوجه والكفين وما أشبه ذَلِك غير مَسْأَلة إبداء الزينة، هَذه مَسْأَلة مستقِلَّة عن هَذه، ولهَذَا يَجب أن نعرف هَذَا الفَرْق، وأن هَذه المَسْأَلة لا علاقة لها بمَسْأَلة المَحرميَّة لا طردًا ولا عكسًا، كَيْفَ لا طردًا ولا عكسًا؟ لأنَّنا نظرنا إلى أن الأعمام من المحارِم ولم يستثنوا هَذَا بالنِّسْبَةِ للطرد.


(١) أخرجه البخاري، كتاب الشهادات، باب الشهادة على الأنساب والرضاع المستفيض والموت، حديث رقم (٢٦٤٥)، عن ابن عباس، ومسلم، كتاب الرضاع، باب تحريم الرضاعة من ماء الفحل، حديث رقم (١٤٤٥)، عن عَائِشَة.
(٢) أخرجه البخاري واللفظ له، كتاب الشهادات، باب الشهادة على الأنساب والرضاع المستفيض والموت، حديث رقم (٢٦٤٧)، ومسلم، كتاب الرضاع، باب إنما الرضاعة من المجاعة، حديث رقم (١٤٤٥)، عن عَائِشَة.

<<  <   >  >>