للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَوْلهُ: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} هَذه اختلف المفسرون فيها، فمنهم من قَالَ: إن الإضافة للنوع، ومنهم من قَالَ: إن الإضافة للجنس.

الَّذينَ قالوا: إن الإضافة للنوع قالوا: إن المُراد بنسائهنَّ المؤْمِنات لأنَّه قَالَ: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ} فالمُراد بـ {نِسَائِهِنَّ} ما كَانَ من نوعهنَّ، فالإضافة من باب إضافة الشَّيء إلى نوعه، يعني نساء المُؤْمِنات فخرج بقَوْلهُ: {نِسَائِهِنَّ} الكافرات بناء على أن الإضافة نوعية لا جنسية وأن المُراد بنسائهنَّ، أي: المُسْلِمات، ولذا قَالَ المُفَسِّر رَحَمَهُ اللهُ: [وَخَرَجَ بِنِسَائِهِنَّ الْكَافِرَات فَلَا يَجُوز لِلْمُسْلِمَاتِ الْكَشْف لَهُنَّ وَشَمَلَ {مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ}، الْعَبِيد] اهـ.

وبعضهم قَالَ: من باب إضافة الجنس يعني أنَّه أضيف النِّساء إلَيْهنَّ باعتبار الجنس، يعني: أو النِّساء اللاتي من جنسهنَّ، يعني من النِّساء فلا تخرج الكافرات بل يشمل الكافرات والمُسْلِمات، وقد ذكروا أن الصَّحابَة - رضي الله عنهم - لما فتحوا الأمصار كَانَ فيها قوابل من الكافرات يولدن النِّساء فأقرهنَّ الصَّحابَة على ذَلِك (١)، وهَذَا مما يدُلّ على أن المُراد بنسائهنَّ النِّساء دون المُسْلِمات، يعني لَيْسَ بقيد المُسْلِمات، نعم إن خيف منها ضرر هَذَا شَيْء ثانٍ، وخوف الضرر حَتَّى في المُسْلِمات.

فَعلَى القَوْلِ الأوَّل لا يجوز للمَرْأة المُسْلِمة أن تبدي زينتها للكَافرة؛ لأنَّها لَيْسَت من نوعها ولأن الكَافرة في الحقيقَة غير مؤتمنة، قد تغري بها الفُسَّاق والْكُفَّار إِذَا رأتها تتجمل وتتزين وتبدي الزينة، والقول الثَّاني: أن المُراد بنسائهنَّ الجنس، يعني النِّساء اللاتي من جنسهنَّ، وعلَيْه فيجوز للمَرْأة أن تبدي ما خفي من زينتها لجميع النِّساء من مؤمنات وغير مؤمنات، وهَذَا هو الأقرب، واحتمال أن هَذه المَرْأَة


(١) أخرجه ابن أبي حاتم (انظر: تفسير ابن كثير ٣/ ٣٧٨).

<<  <   >  >>