للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الكافرة تغري بها الفُسَّاق والْكُفَّار وارد، لكن هَذَا الاحتمال أيضًا وارد في المُسْلِمة فإن المُسْلِمة وأقول: المُسْلِمة غير المُؤْمِنة لأَن المُسْلِمة ربما يحصل منها ذَلِك.

وهَذه مسائل في الحَقيقَة دقيقة جدًّا وقد ترد حَتَّى مع النّساء بعضهنَّ بعضًا، ولذَلك الساحقة بين النِّساء موجودة؛ لأَن المَرْأَة تعشق المَرْأَة وتتعلق بها كما يَتعلَّق الرَّجل بالمَرْأَة ويحصل منها هَذَا الفِعْل المحرم.

قَوْلهُ: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} قَالَ المُفَسِّر رَحَمَهُ اللهُ: [فَيَجُوز لهمْ نَظَره إلَّا مَا بَيْن السّرَّة وَالرُّكْبَة فَيَحْرُم نَظَره لِغَيْرِ الْأَزْوَاج] اهـ.

المُفَسِّر رَحَمَهُ اللهُ مشى على أن المُراد بالزِّينَة هُنا ما زين الله به المَرْأَة، يَقُول: من هَؤُلَاءِ الَّذينَ استثنوا {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} أي: الْعَبِيد لأنَّه لا يُمْكِن أن تتحرز من خادمها وملك يمينها، ومع ذَلِك هو لَيْسَ بمحرم، يعني لو أَرَادَ أن يسافر بها لم تسافر إلا بمحرم، لكن يجوز أن تبدي الزِّينَة الخفية له؛ لأَن هَذَا أمر لا يُمْكِن التحرز منه، وكَذلِك الإماء اللاتي ملكهنَّ النِّساء، ولا بُدَّ أن يَكُون تامًّا فإن كَانَ لها عبد مشترك فإنَّه لا يجوز لها إبداء الزِّينَة له؛ لأنَّه لا يُقالُ حينئذٍ: ملكته وإنما ملكت بعضه.

ولهَذَا لا يجوز للرَّجُلِ أن يَتَسَرّى بالأَمة المشتركة، إِذَا كَانَت أمة مشتركة بينه وبين شخص لا يجوز له أن يتسرى بها لأنَّها لَيْسَت ملكه، كما أنَّه لا يجوز للمَرْأة أن تبدي شيئًا من فشتها الخفية لمملوك بينها وبين غيرها؛ لأنَّه لا يصدق علَيْه أنَّه ملكها بل إنه مشترك.

وقول المُفَسِّر رَحَمَهُ اللهُ: [فَيَجُوز لهمْ نَظَره إلَّا مَا بَيْن السُّرَّة وَالرّكْبَة فَيَحْرُم نَظَره لِغَيْرِ الْأَزْوَاج]، هُنا المُفَسِّر مشى على ما أشرنا إلَيْه سابقًا أن المُراد بالزِّينَة ما زين الله به

<<  <   >  >>