للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَانَ الرَّسُول يَقُول: "تَنْعَتهَا لِزَوْجِهَا"، قد يُقالُ: إن كون الرَّسُول - صلى الله عليه وسلم - يَقُول: "تَنْعَتهَا لِزَوْجِهَا" هَذَا لَيْسَ لبَيان الواقِع وأن الغالِب أن المَرْأَة لا تصف النِّساء إلا لزوجها.

وقد يُقالُ: إنه لَيْسَ لبَيان الغالِب، ولكن لما يترتب علَيْه من المفاسد حيث يظن الزَّوج أن هَذِهِ المَرْأَة لا تريده، ولذَلك تصف له النِّساء لعله يَتعلَّق بهنَّ هَذَا من جهة، ومن جهة أُخْرَى ربما يَتعلَّق قلب الزَّوج نفسه إِذَا وصفت له زَوْجَته هَذِهِ المَرْأَة ويرغب عن زَوْجَته الَّتِي معه، ويتحول إلى الجديدة.

عَلَى كُلِّ حَالٍ وبعد هَذِهِ المناقشة لا أستطيع أن أجزم بتحْرِيم النَّظر إلى المَرْأَة في التلفزيون أو في الصُّورة إِذَا لم يكن في ذَلِك محذور، فإن كَانَ في ذَلِك محذور فلا شَك أنَّه لا يجوز، وأيضًا قد يُقالُ: إن الشَّيء البعيد المنال قد لا تتعلق به نفس الْإِنْسَان لا سيَّما الْإِنْسَان العاقِل؛ لأنَّه كَيْفَ يطمع الْإِنْسَان العاقِل بما لا يُمْكِن أن يناله بخلاف الأَشْيَاء الَّتِي يُمْكِن أن ينالها، ولهَذَا -والله أعلم- أُبيح للمحارم أن يكشفن وجوههنَّ للمَحرم؛ لأَن نفسه لا يُمْكِن أن تتعلق بهنَّ أبدًا إلا والعِيَاذ باللهِ إذا قُلبت فطرته، وأما الرِّجَال الأجانب فلا، هَذَا من الحِكْمة، فالمدار على الْفِتْنَة أو خوفها.

وأما إِذَا كَانَ الْإِنْسَان طبيعيًّا ولا يهتز قلبه ولا مشاعره بهَذَا الَّذِي يشاهد فالتَّحْريم وتأثيم النَّاس به أمر فيه إِشْكال، والآن صور النِّساء منتشرة، حَتَّى بعض الأقمشة أظن فيها صور نساء يلصق علَيْه بطاقة صُورَة امرأة، وفي الصُّحف أيضًا وهَذه مشكلة، يعني تأثيم النَّاس بشَيْء لا يتحققه الْإِنْسَان، أمر صعب، فلا يجوز لِلإنْسان أن يؤثم النَّاس إلا بشَيْء يعرف أنَّه يغلب على ظنه أو يقطع به، وأما شَيْء يشك فيه فلا يَنْبَغِي أن يؤثم النَّاس به، ولا شَك أن التحرز من هَذَا أولى.

<<  <   >  >>