للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولكن المَسْأَلة لَيْسَت هي مَسْأَلَة التحرز، الأولوية مَسْأَلَة التَّحْريم نقول: هل حرام عَليْك أن تنظر أو لَيْسَ حرامًا؟ أما إِذَا كَانَ الْإِنْسَان يجوز له أن ينظر إلى المَرْأَة نفسها فهَذَا واضح أنَّه يجوز أن ينظر إلى صورتها كما في مَسْأَلة الخاطب، فلو أن رجلًا أَرَادَ أن يخطب امرأة فبدلًا من أن يذهب إلَيْها وجد لها صُورَة فإنَّه يراها ولا بأس بِذَلِك، وإن كَانَت الصُّورة في الحَقيقَة لا تحكي الواقِع تمامًا كما هو مشاهد الآن، تشاهد صُورَة لشخص أحيانًا تَكُون صورته مشوهة، وأحيانًا تَكُون صورته أحْسَن من الواقِع أيضًا، وأحيانًا تَكُون صُورَة مطابقة للواقع، الحَقيقَة أن الصُّورة هَذِهِ لا تحكي الواقِع تمامًا.

الحاصل أن خوف الْفِتْنَة هو المناط، أي هَذَا هو السَّبب سدًّا لهَذ الذريعة وهَذَا مطرد، فكل شَيْء حرم تحْرِيم الوسائل فإنَّه تبيحه المصْلَحة لَيْسَ الضَّرورة؛ لأَن الحرام لذاته لا تبيحه إلا الضَّرورة، والمحرم تحْرِيم الوسائل تبيحه المصْلَحة، ولِذَلك يجوز في بعض الأَحْيان إِذَا كَانَت المصْلَحة أكثر، فمثلًا تحْرِيم ربا الفَضْل محرم تحْرِيم وسائل، وتبيحه الحاجة كمَسْأَلَة العرايا.

ومَسْأَلَة النَّظر التَّحْريم فيها من باب تحْرِيم الوسائل كما قاله أهْل العِلْم، ولذَلك تبيحه المصْلَحة والحاجة مثل نظر الطبيب للمريضة ونظر الخاطب للمخطوبة ونظر الشَّاهد للمشهود عَلَيْها ونظر المعامل، حَتَّى المعامل يجوز أن ينظر لمن تعامله، مثل امرأة جرت العادة أن تبيع وتشتري أغراضًا من الدكان، فيجوز أنْ يقولَ لها: اكشفي الوجه يُمْكِن أن يأتي غيرك وإن شككت أنظر إلى وجهك مرة ثانية، يجوز هَذَا.

نص العُلَماء على جَواز هَذِهِ المَسْأَلة لأَن هَذَا لَيْسَ من باب تحْرِيم الذات، بل تحْرِيم الوسائل، ويدُلّك على أن هَذَا محرم تحْرِيم الوسائل بالنِّسْبَةِ للمحارم جَواز

<<  <   >  >>