للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقول المُفَسِّر رَحَمَهُ اللهُ: {الصَّالِحِينَ} (المُؤْمِنِينَ) حمل المُفَسِّر الصَّلاح هُنا على صلاح الدِّين وصلاح الدِّين بالإِيمَان والعَمَل الصَّالح، لكن يحتمل أن يَكُون شاملًا لصلاح الدِّين والدُّنْيَا، يعني إِذَا كَانَ لِلإنْسان رقيق صالح في دينه صالح في دنياه، بمَعْنى أنه صالح لأَن يزوج لكونه بلغ سن الزواج ولكونه عارفًا بأمور الزواج ولكونه عاقلًا لا يحصل من تزويجه مفسدة وتعطيل لحق امرأته.

المُهِمّ أنه يَنْبَغِي أن يفسر قَوْلهُ: {الصَّالِحِينَ} بصلاح الدِّين وصلاح الدُّنْيَا يعني صالحًا لأَن يَتزوج ولأن يُزوج، أما أن يَكُون عنْدَه مثلًا معتوه مجنون فهَذَا لا نؤمر بتزويجه على الإطلاق، بل إننا ننظر إِذَا لزم من عدم تزويجه مفسدة زوجناه وإلا فلا؛ لأَن هَذَا جناية على غيره.

فالحاصِل: أن الصَّالح من العباد يزوج مطلقًا، وغير الصَّالح إن دعت الحاجة إلى تزويجه لكونه يلْزَم من عدم تزويجه مفسدة، والدَّليل لَيْسَ هذه الآية، ولكن من القاعِدَة العامَّة في الشَّريعة وهي دَرْأ المفاسد.

وقَوْلهُ: {مِنْ عِبَادِكُمْ} عباد: جمع عبد، والمُراد الأرقاء لنا، وسماهم الله عبادًا لأنهم ذليلون لنا ونحن أسيادهم، ذليلون قدرًا وشرعًا، أما شرعًا فواضح أنَّه عبدي أبيعه وأشتريه وآمره وأنَّهاه، وقدرًا كما هو معْلُوم أن الْعَبِيد أو العباد الأرقاء يرون أنفسهم في قُصور عن أسيادهم وهَذ من نعمة الله أن الله أذلهم لأسيادهم وإلا لو أن العَبْد تمرد على سيده، كانوا يَقُولُونَ: الجمل إِذَا هاج والعبد إِذَا صاج والسيل إِذَا جاد، هَؤُلَاءِ لَيْسَ لأحد بهم قِبل.

قَوْلهُ: {وَإِمَائِكُمْ} جمع أَمَةٍ وهي الرقيقة المملوكة، وفي هَذَا إِشارَة إلى أن العَبْد لا يزوج نفسه؛ لقَوْلهُ: {وَأَنْكِحُوا} أي: زوجوا، هَذَا إِذَا كَانَ الخِطَاب موجهًا

<<  <   >  >>