للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

للأسياد، أما إِذَا كَانَ الخِطَاب موجهًا لعموم النَّاس بمَعْنى أن الْإِنْسَان لا يترفع عن تزويج العَبْد والأَمة، لكن هَذَا بعيد، الظَّاهِر أن الخِطَاب هُنا للأسياد يعني زوجوا الصَّالحين للزواج في دينهم ودنياهم، زوجوهم من إماء وعبيد.

وفي هذه الآية إِشْكال من جهتين:

الجهة الأولى في قَوْلهُ: "عباد"، والجهة الثَّانية في قَوْلهُ: "إماء" فإن الرَّسُول - صلى الله عليه وسلم - يَقُول: "لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ عَبْدِي وَأَمَتِي" (١)، وهنا قَالَ: {عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ}، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللهِ مَسَاجِدَ اللهِ" (٢)، فهل بين الحديث وهَذهِ الآية تعارض أو لا؟

الجواب: الحقيقَة ظاهرهما التعارض، لكن التَّوفيق بينهما واضح، فالخِطَاب في قَوْلهُ: {عِبَادِكُمْ} من الله لِلإنْسان سمى رقيقه عبدًا له كما يصح أن أقول: هَذَا عبد فلان، وأضيفه إلى فلان، هذه أمته وما أشبه ذَلِك، لكن المحذور والذي وقع النَّهْي عنه إضافة السيد عُبُودِيَّة وإِمَائِيَّة هَؤُلَاءِ إلى نفسه هَذَا هو المحذور؛ لأنه يتضمَّن الغرور بنَفْسِه والتكبر على عبده والترفع علَيْه عنْدَما يَقُول: يا عبدي تعالَ، ويا أَمَتِي تعالي، لا شَك أنه يشعر بعظمة وعلو، والعبد يشعر أمامه بذل وخضوع، ولا يَنْبَغِي أن يَكُون الْأَمْر هكذا، ولهذَا جاء النَّهْي عنه.


(١) أخرجه مسلم، كتاب الألفاظ من الآداب وغيرها، باب حكم إطلاق لفظ العبد والأَمة والمولى، حديث رقم (٢٢٤٩)، عن أبي هريرة.
(٢) أخرجه البخاري، كتاب الجمعة، باب هل على من لم يشهد الجمعة غسل من النساء والصبيان وغيرهم، حديث رقم (٩٠٠)؛ ومسلم، كتاب الصلاة، باب خروج النساء إلى المساجد إِذَا لم يترتب عليه فتنة وأنها لا تخرج مطيبة، حديث رقم (٤٤٢)، عن ابن عمر.

<<  <   >  >>