للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْإِمَاء {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} أَي أَمَانَة وَقُدْرَة عَلَى الْكَسْب لِأَدَاءِ مَال الْكِتَابَة وَصِيغَتُهَا مَثَلًا: كَاتَبْتُك عَلَى ألفَيْنِ فِي شَهْرَيْنِ كُلّ شَهْر ألف، فَإِذَا أَدَّيْتهَا فَأَنْت حُرّ، فَتقُول: قَبِلْت] اهـ.

قَوْلهُ: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ} بمَعْنى يطلبون و {الْكِتَابَ} بمَعْنى المكاتبة، والمكاتَبة هي أن يبيع السيدُ عبدهَ علَى نفْسِه، وسميت مكاتبة لأنَّها في الغالِب تجري بكتاب، يكتب السيد بينه وبين عبده كتابًا بهَذَا العقد فإذا طلب العَبْد من سيده أن يكاتبه فقد قَالَ اللهُ: {فَكَاتِبُوهُمْ}.

وقَوْلهُ: {فَكَاتِبُوهُمْ} الفاء رابطة للخبر بالمبتدأ، وربط الخبر بالمبتدأ لا يُحتاج إلَيْه تقول: "زيد قائم" "الكتاب جميل" "السَّماء رفيعة" لكن إِذَا كَانَ المبتدأ يشبه الشَّرط في العُموم فإنَّه يربط خَبَره بالفاء، وهنا المبتدأ اسم موصول يشبه الشَّرط في العُموم، وتقدَّم سابقًا أن النَّحويين يمثلون بقولهم: الَّذِي يأتيني فله درهم، وأن هَذَا في القُرْآن كثير منه هذه الآية: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ}.

وقَوْلهُ: {مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} (مِنْ) هذه بَيان للموصول في قَوْلهُ: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ} لأَن الموصول حَتَّى وإن وجدت صلته فهو مبهم في الواقِع، فـ (مِنْ) بَيانية لبَيان المبهم في الموصول.

وقَوْلهُ: {مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} في هَذَا إِثْبات الملك للبشر.

فإذا قَالَ قَائِلٌ: ألَيْسَ الله يَقُول: {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [آل عمران: ١٨٩]، فحصر الملك لنفسه فكَيْفَ يتفق هَذَا مع إِثْبات الملك للبشر؟

<<  <   >  >>