للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ترغيب عَظِيم، كَذلِكَ أيضًا أوجب الله سبحانه وتعالى عتق الرقبة في كفارات متعددة مثل كفارة الظهار وكفارة الْيَمِين وكفارة القتل، كل هَذَا دَليل على أن الشَّارع له تَشَوّف لتحرير الْعَبِيد فكَيْفَ لا نجعل هَذَا الْأَمْر للوُجوب لا سيَّما مع طلب العَبْد، فالعبد هو الطالب الآن، ويعرف من نفسه أنه سيستغني عن سيده ويريد أن يخلص نفسه فكَيْفَ نمنعه؟

فإذا قَالَ السيد: هَذَا عبدي ولا أستطيع أن أتخلص منه قُلْنا له: إِذَا اتقيت الله سبحانه وتعالى جعل لك من أمرك يسرًا، وإذا حررته تستأجره إِذَا كنت محتاجًا إلَيْه، أو ييسر الله لك سواه.

عَلَى كُلِّ حَالٍ ما دام أن الله أمر به، فالأَصْل في أوامر الله ورسوله الوُجوب.

قَوْلهُ: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} هَذَا شرط في الْأَمْر فجعل الله سبحانه وتعالى ذَلِك مشروطًا بعلم الخيْر فيهم، ولكن ما هو الخَيْر؟ يَقُول المُفَسِّر رَحَمَهُ الله: [أَي أَمَانَة وَقُدْرَة عَلَى الْكَسْب لِأَدَاءِ مَال الْكِتَابَة] اهـ.

فسره بعض السَّلف بقَوْلهُ: "صلاحًا في دينهم وكسبًا" ويُمْكِن أن يَكُون قَوْلهُ: [أمانة] يشير إلى ذَلِك، لكن إِذَا قُلْنا: "صلاحًا في دينهم" صَارَ أعم من كَلِمة أمانة، وهل الأمانة هي الصَّلاح في الدِّين أو من الصَّلاح؟ من الصَّلاح ولهذَا نقول: المُراد بالخيْر الصَّلاح في الدِّين والكسب، الصَّلاح في الدِّين بأن نعرف أنه مقيم للصلاة، مقيم للصوم، تارك للمحرمات، مستقيم، ومن الصَّلاح في الدِّين الأمانة، فنعرف أيضًا أنَّنا إِذَا أعتقناه لن يذهب يسرق من النَّاس؛ أي: أنه أمين، والكسب صلاح الدُّنْيَا؛ أي: نعرف أن هَذَا العَبْد إِذَا أعتق صَارَ قادرًا على الكسب ولَيْسَ كَلًّا على غيره؛ لأنَّه إِذَا كَانَ غير قادر على الكسب وأعتقه سيده فمن أين يأكل؟ يَكُون

<<  <   >  >>