للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منجمًا بأجلين فأكثر، يعني لا يَقُول: كاتبتك مثلًا على عشرة آلاف تحل بعد سنة، لا؛ لأَن هَذَا فيه صعوبة على العَبْد بل يجعله منجمًا بأجلين فأكثر، مثلًا عشرة آلاف إما أنْ يقولَ: كل شهرين ألف ريال أو كل شهر ألف ريال، أو في ستة أشهر خمسة آلاف، المُهِمّ أنَّه لا بُدَّ أن يَكُون منجمًا بأجلين فأكثر؛ مُراعَاة لحال العَبْد ورفقًا به.

وظاهر كلام أهْل العِلْم في هذه المَسْأَلة حَتَّى لو فرض أن العَبْد عنْدَه قدرة على أن يسلمها في أجل واحد فإنَّه لا بُدَّ من الأجلين، يعني لو فرضنا أن العَبْد جاءه إِنْسَان وقال له: تَعَالَى اشترٍ نفسك من سيدك وأنا أنقدك دراهم حالَّة فإنَّه لا يصِح، ولكن في هذه المَسْأَلة نظر، وقَضيَّة عَائِشَة - رضي الله عنها - مع بريرة حيث كاتبت أهلها على تسع أواق فقالت عَائِشَة - رضي الله عنها -: "إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّهَا لهمْ وَيَكُونَ وَلَاؤُكِ لي فَعَلْتُ" (١)، يدُلّ على الجَواز، وإن كَانَت عَائِشَة تريد أن تشريها شراء، لكن يدُلَّ على أنَّه إِذَا أَرَادَ أحد أن يعجل ما كاتب علَيْه العَبْد لسيده واتفقا على ذَلِك فإنَّه يصح.

لكن في هذه الحال يلْزَم أن يحتاط العَبْد لنفسه لأنَّه قد يأتيه هَذَا الرَّجل ويقول له ذَلِك ثم يتراجع، مع أنه لو تراجع لا يضر العَبْد شيئًا، وآخر أمره أنَّه إِذَا عجز عن أداء مال الكِتابَة يَعود إلى سيده رقيقًا، وهَذَا في الحَقيقَة لا يضر.

لو قَالَ قَائِلٌ: إِذَا كاتب العَبْد سيده هل يَجب على سيده أن ينفق عليه؟

الجواب: إِذَا صَارَ مكاتبًا لا يَجب على السَّيِّد الإنفاق عليه، بل يملك كسبه وكل شَيْء، والعتق يبدأ من بداية الكِتابَة لكن لا يتم إلا بأداء مال الكِتابَة.


(١) أخرجه البخاري، كتاب الشروط، باب الشروط في الولاء، حديث رقم (٢٧٢٩)؛ ومسلم، كتاب العتق، باب إنما الولاء لمن أعتق، حديث رقم (١٥٠٤)، عن عَائِشَة.

<<  <   >  >>