للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إما رجل لا يؤمن بالْآخِرَة فهو هالك، وإما رجل يؤمن بالْآخِرَة ويخالف فهو أحمق ولا يحسن التصرف.

فعَلَى كُلِّ حَالٍ لا يليق بالْإِنْسَان أن يبتغي عرض الدُّنْيَا على حساب الْآخِرَة.

قَالَ المُفَسِّر رَحَمَهُ الله: {لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} نَزَلَتْ فِي عَبْد الله بْن أُبَيّ كَانَ يُكْرِه جَوَارِيَهُ عَلَى الْكَسْب بالزِّنَا] اهـ.

يُمْكِن أن تَكُون نزلت في عبد الله بن أُبَيّ أوْ فِي غيره لكن المُفَسِّر لم يذكر له سندًا، وقد ذكر بعض المفسرين أنَّها نزلت في عبد الله بن أُبَيّ، ولكن يَنْبَغِي أن نعرف أن العبرة بعُموم اللَّفْظ لا بخصوص السَّبَب سواء عبد الله بن أُبَيّ أم غيره، وأشار بعض العُلَماء إلى أن العبرة بعُموم اللَّفْظ على الحالة الَّتِي نزلت أو الَّتِي ورد من أجلها العُموم لَيْسَ بعُموم كل الأَحْوال، عُمُوم اللَّفْظ بالنِّسْبَةِ لتقييدها بالشَّخص لكن على الحالة الَّتِي ورد من أجلها هَذَا النَّص، والفَرْق مفهوم، يعني: العبرة بعُموم اللَّفْظ لا في جميع الأَحْوال بل بعُموم اللَّفْظ بالنِّسْبَةِ لتقيده بالشَّخص، فلا يختص بالشَّخص الَّذِي ورد من أجله بل يعمه وغيره على الحالة الَّتِي وردت، مثال ذَلِك قَوْل النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: "لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ" (١).

لو أخذنا هَذَا على عمومه في الأشخاص والأَحْوال لكان الْإِنْسَان لا يصوم في السَّفَر مطلقًا، ولَيْسَ من البر أن يصوم، ولكنَّنا لا نأخذه على عُمُوم الأَحْوال بل على عُمُوم الأشخاص في مثل هذه الحال الَّتِي ورد من أجلها، وقد ورد الحَديث


(١) أخرجه البخاري واللفظ له، كتاب الصوم، باب قول النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - لمن ظلل ... ، حديث رقم (١٩٤٦)؛ ومسلم، كتاب الصوم، باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر ... ، حديث رقم (١١١٥)، عن جابر بن عبد الله.

<<  <   >  >>