للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إن الله من بعد إكراههنَّ غفور لهنَّ لا غفور لهم أي المكرِهين، بل لهنَّ أي: المكرهات {رَحِيمٌ} بهنَّ.

وفي قَوْلهُ: {غَفُورٌ} إِشارَة إلى أن هَذَا الذَّنب لا عُقوبَة فيه.

وفي قَوْلهُ: {رَحِيمٌ} إِشارَة إلى أن الله سيجعل لهنَّ فرجًا؛ لأَن الرَّحمة بها حصول المَطْلوب وزوال المرهوب، لِذَلك نقول: إن في هذه الآية إِشارَة إلى الفَرَج لمن أكره على فعل محرم، وأن الله تَعَالَى سيجعل له فرجًا، ويؤيد ذَلِك قَوْل النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: "وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا" (١).

فإذا قَالَ قَائِل: كثيرًا ما نسمع أن من النَّاس من أكره على أمر محرم ولم يحصل له الفرج بسرعة.

فنقول: إن هَذَا لا ينافي الآيَة، إِذْ قد يَكُون من جملة الفرج أن الله يهون الْأَمْر علَيْه في قلبه، وَيكُون التخلص الحسي من هَذَا الإِكْراه بعد ذَلِك بسبب من الأَسْبَاب فوق ما نعلمه.

مِنْ فَوَائِدِ الآيَة الْكرِيمَةِ:

الفَائِدتان الأُولَى والثَّانية: أن المُكْرَه على فعل الشَّيء لا يلحقه إثْمُه، ويَكُون في هَذَا رد على من فرق من أهْل العِلْم بين الإِكْراه على القَوْل والإِكْراه على الفِعْل، فمن العُلَماء من فرق بين الإِكْراه على الفِعْل والإِكْراه على القَوْل، وقال: إن الإِكْراه على القَوْل لا يترتب علَيْه مقتضاه، والإِكْراه على الفِعْل يترتب علَيْه مقتضاه.

ولكن الصَّحيح أنَّه لا فرق وأن كل من أكره على قَوْل أو فعل فإنَّه لا حكم لفعله


(١) أخرجه أحمد (١/ ٣٠٧) (٢٨٠٤)، عن ابن عباس.

<<  <   >  >>