للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَوْلهُ: {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ} و"ومُبَيَّنَاتٍ" قراءتان سبعيتان (١). قَوْلهُ: {وَمَثَلًا}: قَالَ المُفَسِّر رَحَمَهُ اللهُ: [خَبَرًا عَجِيبًا وَهُوَ خَبَر عَائِشَة {مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ} أَي: مِنْ جِنْس أَمْثَالهمْ، أَي: أَخْبَارهمْ الْعَجِيبَة، كَخَبَرِ يُوسُف وَمَرْيَم] اهـ.

يعني أنزل الله أيضًا مثلًا من الَّذينَ خلقوا من قبلكم، المُراد بالمَثَل والله أعلم هُنا ما هو أعم من الواقِع، يعني أمثالًا من الَّذينَ خلوا، ولَيْسَ هَذَا خاصًّا بخبر عَائِشَة - رضي الله عنها - ومريم ويوسف بل هو أعم من ذَلِك، لكن المُفَسِّر ذكره، كعادته رَحَمَهُ الله أنَّه يذكر الآيات عامَّة على المَعْنى حسب السِّيَاق، صحيح أن السِّيَاق قد يقيد المطلَق وقد يخصّص العامّ لكن بِدَلِيل، أما إِذَا لم يكن دَليل على أن هَذَا خاص فالأولى العُموم.

وما ذكره في قَوْلهُ: {وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ} في الحقيقَة قد يَكُون أعم مما ذكره المُفَسِّر رَحَمَهُ الله.

إِذَنْ نزول القُرْآن أحكام شرعيَّة عُبر عنها بالآيات المبينات وأَخْبار صادقة فيها العبرة عُبر عنها بقَوْلهُ: {وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ} فالله سبحانه وَتَعَالى ضرب لنا أمثالًا ممَّن خلا من قبلنا فيما يَتعلَّق بالْعِفَّة والصيانة وفيما يَتعلَّق بالْأَمْر بالدِّين والإِيمَان والقدوة الحسنة، قَالَ تَعَالَى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا} [محمد: ١٠]، ولما ذكر الله سبحانه وَتَعَالى قصة لوط قَالَ: {وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ} [هود: ٨٣].


(١) حجة القراءات (ص: ٤٩٨).

<<  <   >  >>