للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تُمنع، قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} [البقرة: ١١٤].

قَوْلهُ: {فِى بيُوُتٍ} الثَّابت عن السَّلف أن المُراد بالبُيُوت هُنا المَسَاجِد، ولِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ" (١).

قَوْلهُ: {أَذِنَ} أي: شَرَعَ أنْ تُرفعَ وتُعَظَّمَ، وفي الحَقيقَة أن رفعَها أعمُّ من التَّعظيم، فالمَسَاجِد تُرفع بالتَّعظيم وبغيره، لكن أظهر ما يَكُون الرَّفع بالتَّعظيم.

قَوْلهُ: {يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} أي: اسم الله، والمُراد أن الله يُذكر بأسْمَائِه؛ لأنَّه إِذَا ذُكِرَ الاسْمُ ذُكر المُسمى، لكن بأي شَيْء يُذكر؟ بالقِراءَة والتَّسبيح، كما سيأتي أيضًا، المُهِمّ أن يُذكر بالثَّناء والتَّمجيد، وهَذَا يشمل الصَّلاة وغير الصَّلاة.

قَوْلهُ: {يُسَبِّحُ لَهُ} وهَذَا التَّنزيه، فيَكُون في الآية إِشارَة إلى أمرين:

إلى إِثْبات الكَمال في قَوْلهُ: {يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} وإلى نفي النَّقص في قَوْلهُ: {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} إِلَى آخِرِهِ.

قَوْلهُ: {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا} قَالَ المُفَسِّر رَحَمَهُ اللَّهُ: [يُسَبِّحُ - بِفَتْحِ المُوَحَّدَةِ وَكَسْرِهَا - أَي: يُصَلِّي] اهـ.

{يُسَبِّحُ} فيها قراءتان سبعيتان (٢)، الفتح والكسر، وسيأتي إِنْ شَاء اللهُ تخريج كلٌّ منهما فيما بعد.


(١) أخرجه مسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر، حديث رقم (٢٦٩٩) عن أبي هريرة.
(٢) حجة القراءات (ص: ٥٠١).

<<  <   >  >>