للصلاة حَتَّى قاربت الشَّمس أن تغرب، ولِهَذَا صلى مع النَّبِيِّ عَلَيْهَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ صلاة العصر بعد غروب الشَّمس، فالحاصِل: أن في قَوْلهُ: {لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} أثبتت المقاربة، لكن علمنا انتفاء الفِعْل من المقاربة؛ فقَوْلهُ:{لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا}، أي: لم يقرب أن يراها كما قَالَ المُفَسِّر.
إذن إِذَا كَانَ لم يقرب أن يراها فانتفاء الرؤية مِنْ بَابِ أَوْلَى.
وأما قَوْله تَعَالَى:{فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ}[البقرة: ٧١]، لَوْلا قَوْلهُ:(ذبحوها) لم تدُلّ الآية على أنهم ذبحوها، لكن المَعْنى أنهم ذبحوها بعد أن كانوا بعيدين عن الذبح لم يقصدوه ولا نووا أن يمتثلوا، بل قالوا لنبيهم: أتتخذنا هزوًا، بعد هَذَا البُعد عن الفِعْل وبعد أن أجيبوا بطلباتهم ذبحوها، فهم كانوا بعيدين عن الامتثال إلَّا أنَّه بعد الإلحاح وبعدما قالوا:{يُبَيِّنْ لَنَا}، وبُيِّن كما طلبوا بعد ذَلِك أُجيب، وهَذَا مَثَلٌ في الحقيقَة يَنْبَغِي لِلإنْسان أن يعتبره بنَفْسِه وأنه عنْدَما يؤمر بالْأَمْر لا يَقُول: لماذا كذا ولماذا كذا؛ لأَن هَذَا خطير فقد قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ:{وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}[الأنعام: ١١٠]، لِهَذَا يَجب على المُسْلِم إِذَا علم بالشَّرع أن يستسلم ولا بأس فيما بعد فيما يقرر علَى نفْسِه أنَّه ممتثل، لا بأس فيما بعد أن يسأل عن الحِكْمة؛ لأَن سؤال الحِكْمة لا ينافي الانقياد، لكن المُهِمّ أن يستسلم أولًا ولا يورد إيُرادات وشبهات، لماذا، ولماذا كذا وكذا، ثم بعد ذَلِك يفعل إِذَا شاء.
قَوْلهُ:{وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} يعني الَّذِي لم يجعل الله له نورًا لم يكن له نور، يَقُول المُفَسِّر رَحَمَهُ اللَّهُ: [أَي: مَنْ لَمْ يَهْدِهِ الله لَمْ يَهتدِ} اهـ.