للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يمشي على أربع، فالتَّمثيل بها فيه نظر، أما الحيات فنعم تمشي على بطنها، وكَذلِك الدود والسَّرْوُ (١)، وغيرهم يمشي أيضًا على بطنه.

قَوْلهُ: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ}، قَالَ المُفَسّر رَحَمَهُ اللهُ: [كَالْإِنْسَان وَالطَّيْر] اهـ.

الْإِنْسَان يمشي على رجلين اثنتين، والطير يمشي على رجلين اثنتين، لكن هل توجد طيور تمشي على أكثر من رجلين؟ لا نعلم قد توجد ولا ندري، لكن نحنُ نعرف أن الطيور لَيْسَ لها إلا رجلان اثنتان.

قَوْلهُ: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ}، قَالَ المُفَسّر رَحَمَهُ اللهُ: [كَالْبَهَائِم وَالأَنْعَام] اهـ.

لكن هل هَذَا التَّقسيم من باب الحصْر أو من باب القَصر؟

من باب القصر، يعني الاقتصار على بعض الأَشْيَاء؛ لأَن من الحيوانات أو من الدواب ما يمشي على أكثر من أربع، يوجد شَيْء يسمّونه (أبو أربع وأربعين رِجل)؛ موجود، وتوجد أشْيَاء لها دون ذَلِك، منها ما له ستة أرجل أو أكثر من ذَلِك، إنما هَذَا التقسيم لَيْسَ للحصر ولكنه للقصر؛ أي: من باب الاقتصار على بعض الأنواع فقط، ويدُلّ على ذَلِك قَوْلهُ: {يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.

قَوْلهُ: {يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} يعني من هَذَا الَّذِي ذكر من كونه يمشي على بطنه وعلى رجلين وعلى أربع وعلى ما هو أكثر من ذَلِك فإن الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى لا أحد يحجزه فهو خالق لما يشاء حسب ما تقْتَضِيه حكمته تَبَارَكَ وَتَعَالَى.

قَوْلهُ: {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} القدرة صفة يتَّصف بها القادر بحيث


(١) دود يقع في النبات. انظر: القاموس المحيط (ص: ١٢٩٥).

<<  <   >  >>