للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يفعل ما يُرِيد بدون عجز، بخلاف القوة؛ فإنَّه يفعل بها ما يُرِيد بدون ضعف؛ فالقوة تقابل بالضعف، والقدرة تُقابل بالعجز، انظر إلى قَوْله تَعَالَى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً} [الروم: ٥٤]، وانظر إلى قَوْله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا} [فاطر: ٤٤]؛ فجعل القدرة في مقابل العجز، فلقدرته لا يعجز.

على كل حال؛ القدرة صفة بها يتَّصف القادر بحيث يفعل ما يُرِيد بدون عجز، مثلًا رجل يصلي قائمًا لكن مع تعب، ما نقول في هَذَا: قادر أو قوي؟ قادر، ويوجد إِنْسَان يصلي قائمًا وهو لا يهمه، هَذَا نسميه قويًّا وقادرًا، وأيضًا يوجد إِنْسَان يحمل هَذه الصَّخرة كما يحمل الريشة لا يهمه، وإنسان آخر يحمل هَذه الصَّخرة مع تعب ومشقَّة، فالأول قوي والثَّاني قادر؛ لأنَّه يحملها لكن مع التعب والمشقَّة، وأيضًا ثالث: لما جاء يحملها عجز؛ هَذَا لَيْسَ قويًّا ولا قادرًا.

وقَوْلهُ: {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} توجد كَلِمة بين النَّاس يَقُولُونَ: "إنه على ما يشاء قدير"، هَذه الكَلِمة لا يَنْبَغِي أن تُقال؛ لأنَّه إِذَا قُيِّدت القدرة بالمشيئة حصل بِذَلِك قُصور، فتكون قدرته على ما يشاء دون الَّذِي لا يشاء، مع أن الله قادر على ما يشاء وعلى ما لا يشاء، لكن ما شاء كَانَ وما لم يشأ لم يكن.

فبعض النَّاس يَقُول: إنه على ما يشاء قدير، فيَجب أن يُنهى عنه، ويُقال: قل إنه على كل شَيْء قدير لا على الَّذِي يشاؤه فقط، لا سيَّما وأنك إِذَا قلت: إنه على ما يشاء قدير وقدمت المعمول فإن تقديم المعمول يُفيد الحصر، وأنك حصرت القدرة بما شاء فقط؛ وهَذَا لَيْسَ بصحيح. فالذي يَجب على الْإِنْسَان أن يُطلق صفة القدرة لله

<<  <   >  >>