للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وغير ذَلِك، يشمل كل هَذَا وكَذلِك يشمل ما له من الصِّفات، يعني لا يتم الإِيمَان باللهِ إلا بالإِيمَان بصفاته؛ لا بُدَّ من ذَلِك.

وقَوْلهُ: {وَأَطَعْنَا} هَذَا الانقياد يعني أنَّنا مُؤْمِنُونَ وأيضًا مطيعون، لكن ما معنى الطَّاعة؟

الطَّاعة؛ قالوا: مَعْناها موافقة الْأَمْر، بمَعْنى: ألا تخرج عمن أمرك ولا تخالفه، بل توافق أمره؛ إن كَانَ إيجابيًّا فبالفِعْل، وإن كَانَ سلبيًّا فبالترك، هَذه هي الطَّاعة، ولهَذَا كَلِمة طاعة تشمل فعل الأوامر وترك النَّواهي؛ لأَن مَعْناها موافقة الْأَمْر، فمعنى {وَأَطَعْنَا} أي: أنَّنا وافقنا أمر الله ورسوله فلا نخرج عنه، وبعد هَذَا القَوْل: {ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ} أي: بعد إقرارهم بالإِيمَان باللهِ ورسوله يعرض فريق منهم.

قَوْلهُ: {وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} يعني: ما أولئك المعرضون بالمُؤْمِنِينَ حقًّا، ولكن هَذَا النَّفي، هل هو نفي لِلْإيمَانِ أصله، أو نفي لِلْإيمَانِ كمال؟

فيه تفصيل؛ إِذَا كَانَ التولِّي تولِّيًا مطلقًا فهو نفي لِلْإيمَانِ كله؛ لأي: لأصله، وإذا كَانَ التولي توليًا غير مطلق، بل في بعض الْأُمُور فإنها تختلف، فبعض الْأُمُور إِذَا تركها الْإِنْسَان وأعرض عنها قد يَكُون كافرًا، وقد يَكُون مؤمنًا ناقص الإِيمَان. المُهِمّ أن توليهم يُنافي ما ادَّعَوه من الإِيمَان.

وفي هَذَا دَليل واضح على أن الْإِنْسَان إِذَا قَالَ إنه مُؤْمن وهو متولٍ ومُعرض؛ فهو كاذب في دعواه، وهو إما أن يَكُون لَيْسَ مؤمنًا أصلًا، وإما أن يَكُون مؤمنًا لكن ناقص الإِيمَان.

<<  <   >  >>