للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَوْلهُ: {ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ} {فَرِيقٌ} مَعْنى: جماعة {مِنْهُمْ} أي: من هَؤُلَاءِ القائلين وفريق آخر باقون على الإِيمَان والطَّاعة لا يُعرضون، فيَكُون ما ادَّعَوه من الإِيمَان حَقِيقَة.

انظر المحترزات في القُرْآن الكَرِيم في أول الآيَة، قَالَ: {ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ} لأنه لَيْسَ كل من قَالَ: آمنا باللهِ وأَطَعْنَا لَيْسَ كلهم يتولون بل منهم من هو مُؤْمن حَقِيقَة ولا يتولى، كَذلِكَ إِذَا دعوا إلى الله ورسوله، هل كلهم يتولون؟ لا؛ منهم من ينقاد لحكم الله ورسوله ويتخاصم إلى ورسوله ويقبل حكم الله ورسوله؟ فقَوْلهُ: {ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ} [آل عمران: ٢٣]، أي: عن المجيء إلَيْه أو عن حكمه، انظر قَوْلهُ: {يَتَوَلَّى} و {وَهُمْ مُعْرِضُونَ} التولي بالجسم والإعراض بالْقَلْب؛ لأَن المتولي قد يتولى وفيه أمل أن يرجع، لكن إِذَا تولى وهو معرض - والعِيَاذ باللهِ -؛ فالمعرض كاره لِمَا دُعي إلَيْه؛ لأنَّه لم يُعرض عنه إلا وهو يكرهه وهَذَا أَشَدّ في التولي، فالتولي بالجسم والإعراض بالْقَلْب، يعني أنهم يتولون ولَيْسَ من نيتهم الرُّجوع.

وفي الآيَة دَليل على خطر من يتعصب للمذهب أو لقول واحد من أهْل العِلْم إِذَا دُعي إلى الله ورسوله وقِيلَ: هَذَا كتاب الله وهَذه سنة رَسُول - صلى الله عليه وسلم -، فالواجب التحاكم إلَيْهما والرجوع إلَيْهما.

بعض النَّاس يَقُول: المَذْهب كذا وقال العالم الفلاني كذا وما أشبه ذَلِك، هَذَا فيه شبه من هَؤُلَاءِ المُنافِقِينَ الَّذينَ إِذَا دُعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم تجده متوليًا ومعرضًا، وبعض النَّاس - والعِيَاذ باللهِ - لا يتأنى أبدًا بسرعة يغضب ويقول: أبدًا، لا نريد هَذَا، نريد أن نتبع فلانًا.

<<  <   >  >>