يَقُولُونَ: سَمِعْنَا وأَطَعْنَا، سمعًا وطاعة وعلى الرحب والسعة، فهَذَا قولهم اللائق الواقِع منهم، إِذَا دعوا إلى الله ورسوله لا يَقُولُونَ: رأي فلان خلاف ذَلِك، ورأي فلان خلاف ذَلِك، والنَّاس على خلاف ذَلِك وما أشبه ذَلِك، لا يَقُولُونَ هَذَا، بل يَقُولُونَ: سَمِعْنَا وأَطَعْنَا، وهَذَا الواجب على المؤمن، فمن لم يقل هَذَا فلَيْسَ بمؤمن، إما أنَّه قد انتفى عنه الإِيمَان بالكلية أو هو ناقص الإِيمَان.
قَوْلهُ:{وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}{هُمُ} ضمير فصل، وقد تقدَّمت فوائده الثَّلاثة: الحصر والتَّأكيد وتمييز الخبر من الصِّفة {وَأُولَئِكَ} أي: الَّذينَ يَقُولُونَ: سَمِعْنَا وأَطَعْنَا إِذَا دعوا إلى الله ورسوله هم المفلحون.
يَقُول المُفَسِّر رَحَمَهُ الله:{هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(أي النَّاجون)، والأصح أن الفلاح لَيْسَ نجاة فقط، بل نجاة من المرهوب وحصولٌ للمطلوب، فالمُفلح هو الَّذِي نجا مما يكره وأدرك ما يحب.
إِذَنْ هَؤُلَاءِ هم الَّذينَ نجوا من المرهوب لانتفاء العصيان منهم، وأدركوا المَطْلوب لحصول تمام الطَّاعة منهم، فبالطاعات حصول المَطْلوب واجتناب المعَاصِي النَّجاة من المرهوب، وحصر الفلاح في هَؤُلَاءِ يدُلّ على أن من سواهم غير مفلح، لكن إن انتفى عنه الإِيمَان كله انتفى عنه الفلاح كله، وإن انتفى عنه بعض الإِيمَان انتفى عنه بعض الفلاح.
إِذَنْ وظيفة المُؤْمِن فيما إِذَا دُعي إلى حكم الله ورسوله أو فيما إِذَا اطَّلع هو بنَفْسِه على حكم الله ورسوله وظيفته أنْ يقولَ: سَمِعْنَا وأَطَعْنَا، يلتفت يمينًا أو شمالًا