أو يؤول أو يحرف، لا، بل يَقُول: سَمِعْنَا وأَطَعْنَا انقيادًا تامًّا وسمعًا تامًّا؛ لأَن بِذَلِك يتحقق الإِيمَان، والْإِنْسَان الَّذِي ينقاد لحكم الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى بهَذه السهولة وبهَذه المطابقة هو الَّذِي يستريح ولا يحصل عنْدَه قلق؛ لأَن من عوَّد نفسه التردد في قبول الأَحْكام الشَّرْعِيَّة ولو في حكم واحد؛ فإن النَّفس تجبره على أن يتردد في كثير من الْأُمُور الشَّرْعِيَّة، يَقُول الله عَزَّ وَجَلَّ:{وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}[الأنعام: ١١٠].
فالْإِنْسَان إِذَا عوَّد نفسه قبول الحَقّ من أول وهلة وبدون أي قلق أو تردد في تنفيذه فإنَّه يسهل علَيْه بعد ذَلِك الانقياد لجميع الأوامر وعدم الالْتِفات والتردد، ولكنه إِذَا فعل، ولو مرة، وتردد في أمر من الْأمُور من الأَحْكام الشَّرْعِيَّة، بعد أن يثبت عنْدَه الحُكْم وأن هَذَا حكم الله ورسوله، فإن تردده في قبوله خطر علَيْه جدًّا؛ لأنَّه يؤدي إلى التردد في الأَحْكام الأُخْرَى المستقبلة، دعنا من التردد في الثُّبوتِ، التردد في الثُّبوتِ شَيْء آخر، فالمكلف له أن يتردد في الثُّبوتِ إِذَا كَانَ الحديث ضعيفَ السَّنَد مثلًا أو ما أشبه ذَلِك.
ونظير ذَلِك في الحُكْم القدري أيضًا، الْإِنْسَان الَّذِي لا يمرن نفسه على الصَّبر على أحكام الله وعلى قضائه وقدره يبقى قلقًا دائمًا متعبًا من الأَحْكام القدرية الَّتِي لا تلائمه، فإذا تمشى مع القضاء والقدر وصَارَ إن أصابه خير اطمأن به وإن أصابه شر صبر علَيْه ورضي بالقضاء والقدر؛ فإنَّه بِذَلِك يستريح ولا يقلق أبدًا، تجد الْإِنْسَان الَّذِي يُرِيد من الله عَزَّ وَجَلَّ أن يَكُون قضاؤه وقدره فيما يلائمه تجده دائمًا في قلق؛ لأَن القضاء والقدَر لَيْسَا على ما تريد، كما أن الشَّرع أيضًا لَيْسَ على ما تريد، الشَّرع لَيْسَ على ما يُرِيد النَّاس.